IMLebanon

ماذا يهدف من تظاهرة «بعبدا»؟

تصف إحدى المرجعيات السياسية دعوة العماد ميشال عون إلى التظاهر في قصر بعبدا بأنها تشبه ذكرى تمجيد الهروب.

تقول المرجعية: لم يسبق لأيّ قائد قال بالصوت والصورة قبل المعركة إنه مستعد لأن يُدفن في مركز قيادته، ثم ترك المعركة بعد دقائق من اندلاعها، أن أحيا الذكرى بهذه الطريقة الاحتفالية، فالذكرى (13 تشرين الاول) لم يعد لها معنى، بعد ان استدار عون وصادَقَ من خاضوا المعركة بوجهه، ومن لا يزالون حتى اليوم يُخفون مصير أسرى مدنيين وعسكريين أُسروا في المعركة.

لا تكتف هذه المرجعية بهذا التوصيف، ففي الجعبة الكثير الكثير من الملاحظات الصامتة على عون، ممّن كانوا أقرب المقرّبين اليه، سواء من الضبّاط العاملين في المؤسسة العسكرية، او من المتقاعدين الذين خرج منهم اثنان عن صمتهما، بعد ان ذهب عون بعيداً في الاستهتار بتضحياتهم، من خلال إعلاء أولوية المصالح العائلية، والضرب بعرض الحائط بكلّ مَن قاتل بشجاعة، ومن ضحّى في المؤسسة العسكرية، أيام توَلّي العماد عون قيادتها، وأحد هؤلاء ممّن كانوا محسوبين على الجنرال، وهو يشغل موقعاً حسّاساً في المؤسسة، لم يتردد في رفع صورة العماد جان قهوجي في مكتبه ومنزله، عندما هاجم عون قائد الجيش وسمّاه بالإسم محذّراً.

لا يتّسع المجال لذكر أسماء عشرات الضبّاط من الرتب العالية، الذين صُدموا بسلوك العماد عون، وهو ما باتَ يدعو للسؤال عن جدوى هذه المعركة العائلية، التي كشفت كلّ ما كان مخبّأً، فهل كان عون مصيباً في أسلوب ادارة معركة الترقيات، ام انه ارتكب من الاخطاء الجسام، ما عَرّضه لخسارة ولاء الضبّاط المتقاعدين، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر، العميد جورج نادر الذي عَبّر عن مرارة من الأداء العائلي للعماد عون، هذا الأداء الذي كاد يلحق اضراراً جسيمة بالمؤسسة العسكرية، لَو قيّض لصفقة الترقيات أن تتم.

لعلّ الجنرال عون المستعجل لإنجاز الترقيات، استعجالاً هاجسه إبعاد العماد جان قهوجي عن السباق الرئاسي، لم يقرأ قانون الدفاع جيداً، او تجاهل قراءته، واستعاض عنه بحملاته الشعاراتية المشهورة.

فالمادة 42 من هذا القانون تقول في البند الرابع: تصدر ترقيات الضبّاط بناء على اقتراح وزير الدفاع الوطني، وبناء عليه كان من لزوم ما لا يلزم، شَنّ معركة داخل مجلس الوزراء وتعطيله، لإصدار قرار بالترقيات. ولَو صدر هذا القرار فإنه سيجد طريقه السريع الى الطعن.

تقول المرجعية السياسية انّ العماد عون بقراره تنظيم تظاهرة الى قصر بعبدا، إنما يهدف لافتعال مواجهة مع الجيش اللبناني وقائده، الملتزم بحماية المقرّات والمؤسسات العامة.

وتضيف: بعد تضاؤل فرَص نجاح صفقة الترقيات الى حدّها الأدنى، بدأ الجنرال بالاستعداد لمعركة الرئاسة، التي يطمح فيها لأن يتجنّب ما حصل في قضية الترقيات، فهو يعتبر القصر الجمهوري حقاً مسلوباً منه، وما يؤرقه احتمال ان يتمكّن ضابط عمل تحت أمرته، للمرة الثالثة من الوصول الى القصر (لحود ـ سليمان ـ قهوجي)، فيما هو عجز عن تحقيق حلمه التاريخي.

بهذا المشهد يفتتح عون الجولة الثانية من معركته الرئاسية، وهو الذي يعرف أنّ «حزب الله» ثابت على تأييده، طالما استمر التأزّم في العلاقات السعودية ـ الايرانية، وطالما كان هذا التأييد مدخلاً لإجبار الجميع على البدء بالكلام حول تعديل «اتفاق الطائف»، والدخول في مرحلة المؤتمر التأسيسي، الذي يعني إعادة تحديد أحجام الطوائف داخل النظام، مع ما يمكن ان يؤدي الى خسارة المسيحيين تحديداً الوزن الذي أعطاهم إيّاه اتفاق الطائف.