لا شك في أنّ القرار التاريخي الذي اتخذه دونالد ترامب سيقلب الأمور رأساً على عقب! فالفرصة الكبيرة التي أعطتها أميركا لإيران لتسرح وتمرح في العالم العربي قد بلغت خاتمتها».
إنّ مَن يعوّل على الاتحاد الاوروبي الذي نحترم ونقدّر، سيجد أنه عندما تقرر أميركا العقوبات الصارمة فإنه سيكون لها الأثر الكبير على إيران.
من الواضح أنّ إيران كانت تراهن على أنّ أميركا لن تقدم على خطوة الإنسحاب من الاتفاق النووي، وكانت تتكل على أنّ أوروبا بسبب مصالحها الاقتصادية معها (الفرنسية مثالاً: توتال – البيجو – الطائرات)… ولكن الخطير في القرار الأميركي العقوبات التي ستطاول أيضاً الشركات بعد ستة أشهر… فيتعذّر تحويل دولار واحد، وهذا ما لا تتحمّله الشركات أيضاً.
ويهمنا انعكاس القرار الاميركي على لبنان اذ في 21 الجاري سيباشر المجلس النيابي الجديد ولايته، ثم ستكون الإستشارات الملزمة لتكليف رئيس للحكومة، ومن ثم التشكيل، وعندها يتضح ما إذا كان الايرانيون سيعرقلون أو أنهم سيتركون الأمور تأخذ مجراها، وهل سيكون الرد على أميركا في إسرائيل من لبنان وسوريا والعراق؟.. ولكن إسرائيل استبقتهم بالضربة على موقع إيراني في سوريا، مع تدابير إحترازية حيث كان الوضع في إسرائيل جو حرب، وقد توقفت المدارس في المناطق المحاذية للبنان وسوريا في قرار إحترازي تمّ إلغاؤه أمس وجرت العودة الى الحال الطبيعية خصوصاً في الجولان المحتل…
نعود الى لبنان وقد نصحتنا أميركا، أمس، بالتزام النأي بالنفس عن صراعات المنطقة وتحييد ساحتنا عن تلك الصراعات، ولو عاد الأمر الى لبنان لكان التحييد عما يدور حولنا من حروب وصراعات أمراً طبيعياً… إلاّ أنّ في الداخل فريقاً بارزاً ليس فقط انه يتأثر بالقرار الايراني، ولكنه ينفذه بحذافيره.
من هنا يأمل اللبنانيون ألاّ تذهب إيران الى محاربة إسرائيل والولايات المتحدة الاميركية من هذا الوطن الذي لم ينفض عنه بعد غبار الحروب والإعتداءات الاسرائيلية عليه ونتائجها الكارثية على البشر والحجر.
إنّ العملية الانتخابية التي أجريت يوم الأحد الماضي تعطي أملاً للبنان بعهد رئاسي جديد هو عهد الرئيس ميشال عون، وبمجلس نيابي جديد يحمل وجوهاً جديدة تكاد تشكل الأكثرية النيابية، وبحكومة جديدة… حتى إذا تم التعاون والتفاعل بين هذه المقامات المسؤولة، دائماً في إطار المبدأ القانوني – الدستوري الذي يقول بفصل السلطات، أمكن تعزيز الأمل بتجاوز لبنان عثراته.
إنّ التحدّيات كبيرة: من الدين العام، الى المشاريع الإنمائية المهمة الكبيرة خصوصاً في مجالات البنى التحتية، الى ضرورة السير بين نقط الصراعات في المنطقة، الى حتمية إجراء إصلاحات إدارية وسياسية مهمة، الى علاقات لبنان مع أشقائه العرب وبلدان الخارج كذلك في زمن الاستقطابات الكبرى… تلك كلها تضعنا على محك الإمتحان الكبير الذي يعود لنا، كلبنانيين، أن نحسن عبوره كي لا نقع في المحظور.
عوني الكعكي