IMLebanon

ما ينقص التحالف الإسلامي

ثلاثة تحالفات عسكرية ترسم مستقبل المنطقة بالحرب على “داعش”: التحالف الغربي بقيادة واشنطن، والتحالف الذي تقوده روسيا مع نظامي الملالي وآل الأسد. أما الثالث والأهم فهو التحالف الإسلامي، ليس بسبب قوته النارية، أو عدد دوله، بل برمزية انطوى عليها إعلان إنشائه من مكة المكرمة، ما يبرئ الإسلام من “داعش”، ويعطيه قيمة دينية لا تسنح للتحالفين الآخرين، اللذين يكادان يعطيان الحرب على “داعش” طابع الحرب الصليبية الجديدة.

ما أثاره التحالف الجديد من ردود فعل متباينة، لا سيما في لبنان، لا تنفي حاجته الى أمرين يعطيانه أبعاده اللازمة: الأول، هو الترجمة العملانية العسكرية، والثاني، وهو الأهم، ان ترافقه حرب ثقافية فكرية دينية، تنقذ، بالتوعية، الدين الاسلامي من أيدي “داعش”، وتعيد إليه معاني التسامح والمحبة، بما سماه الصديق الوزير نهاد المشنوق “الشجاعة الفقهية”. فالحرب على “داعش” ليست شأناً عسكرياً فحسب، فهو تنظيم ولد من مفاهيم دينية مغلوطة، جذبت اليه أناساً من كل البقاع، ولا تزال.

لا تكتمل هذه “الشجاعة” بالحوار في القاعات المغلقة، ولا تكتفي بخطب الجمعة، والاقتصار على من يسمع أو يقرأ من المسلمين، بل بالانفتاح على العالم، واطلاعه على مفاهيم الاسلام، مقروءا بروح العصر. فـ “بـفضل” “داعش”، صار الإسلام المشوه حديث كل الشعوب، وبات اسقاط التشوهات عنه مسؤولية جسيمة، تستلزم إرادة وكفاية لا تتوافران لغير السعودية، رمزاً وقدرة.

ربما يشكل اجتماع دار الفتوى، نهاية الاسبوع الفائت، خطوة لافتة، لكنها ناقصة، لمحدودية المشاركة فيه، وغياب الأزهر ومكة عنه، وغياب تحديد الوسائل أولاً، ولاتخاذه لغة الوعظ، من دون اعتماد التفسير، على الرغم أن لمفتي مصر، الدكتور شوقي علام، المشارك، أفكاراً عملانية، أعلنها، عبر CNN، قبل أسابيع، منها: إنشاء مرصد لرصد فتاوى التكفير وتفنيدها والرد عليها، وإنشاء مجلات الكترونية بالانكليزية والعربية، للرد على مجلة “دابق” الداعشية، إضافة الى عدد من الصفحات الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي بلغات مختلفة، لا سيما الانكليزية (كان علام أطلق مبادرة عالمية بعنوان Not in the name of muslims، طالبا فيها عدم تحميل المسلمين ضريبة التطرف والارهاب).

كان لافتاً غياب شيخ الأزهر، المرجعية الكبرى، اللصيقة بالحداثة، وصاحبة نظرة طليعية، بيّنها في المؤتمر الـ 25 للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، في الأقصر، الشهر الفائت، منها: “اللجوء الى اجتهاد جماعي يدعى اليه كبار العلماء”.”اصدار فتاوى شجاعة تتماشى مع التطور الزمني للحياة، وتختلف باختلاف الزمان والمكان بحسب الدساتير والقوانين”. “التجديد وضرورته للمسلمين، خصوصا أن أئمة الفقه والأصول منذ عهد الصحابة مارسوا الاجتهاد في تجديد الأحكام الشرعية”. “تحديد مفهوم دار الاسلام”. “نقاش شعائر الحج”. ربما يعيش الإسلام، راهنا، لحظة ولادة جديدة، رسالة وبشراً، لا تنقصها سوى شجاعة المبادرة، وجرأة التفكر.