العالم يغلي. المنطقة، من حولنا، تغلي، حروب مستعرة، وحروب قيد الإشتعال يهيئون لها في مصانع القرارات الدولية. إرهاب ضارب أطنابه وضارب الأبرياء. إرهاب لا دين له ولا شيء يجمع أطرافه ومحرّكيه ومنفذيه سوى العقل المجرم الذي يتقاطع حوله مفجّر الناس في كل مكان ومقنّص الناس في الحفل الغنائي في أميركا وضارب الساطور في عواصم ومدن عدة (…).
أمام هذا المشهد الفظيع، المروّع، لم يعد ثمة ناس أو أمكنة فوق رؤوسها مظلّة واقية. أصبح كل بني آدم برسم التصفية والقتل المجاني… هنا بإسم عقيدة منحرفة، وهناك بإسم فكرة أشد إنحرافاً، وهنالك بدعوى الإختلال العقلي والإضطراب الذهني.
وأمام هذا المشهد المروّع يبدو أهل السياسة في لبنان وكأنهم في كوكب آخر. أو كأنهم آتون من كوكب آخر:
فلا شيء إلاّ عليه يختلفون.
ولا مغنم إلاّ يتقاسمون.
ولا إساءة الى البلاد والعباد إلاّ يمارسون.
إنهم يبحثون عن الخلاف حيث لا يوجد. فكيف وهم أوجدوه في كل مسألة، وعلى كل قضيّة؟.
هل هم غافلون عمّا يجري حولنا وفي العالم الأبعد أو تراهم يتغافلون؟!
من الصغيرة الى الكبيرة يراكمون السلبيات، وبعضها بدأ يأخذ طابعاً يجب أن يدركوا أنه يتهدد السلم الأهلي جدياً. فليس قليلاً ما حدث قبل أيام من إشكال في منطقة الشياح -عين الرمانة. وليس قليلاً ما حدث من إشكال في الجامعة اليسوعية أمس، هذه الجامعة التي إعتادت على «خناقات» الطلاب، حتى داخل الطيف الواحد، ولكن إشكال يوم أمس لم يكن لوجه اللّه، ولا طبعاً لوجه العلم.
وأما ثالثة الأثافي فما أتحفونا به يوم أول من أمس من فيديو أقل ما يقال فيه إنه خارج على كل لياقة، إضافة الى أنه «فبركة» سخيفة تسيء الى أصحابها قبل أن تسيء الى أي جهة أخرى. طبعاً نقصد الفيديو الذي اعتبروه إنتصاراً إستثنائياً بـ«تشيّع» جورج طانيوس… ولم تلبث الحقيقة أن تبدّت… فإذا الإسم وهمي، وإذا صاحب العلاقة شيعي أصلاً وفصلاً وليس في حاجة الى إعادة «تثبيته» في شيعته. وإسمه الحقيقي محمد سباط!
بداية وإستدراكاً نود أن نقول إنه من نعم اللّه علينا، في لبنان، إننا نمارس حقنا في خياراتنا كافة الوطنية والسياسية والدينية. وإن المئات من المسيحيين والمسلمين بدّلوا معتقدهم الديني، وان شقيقاً لرئيس أسبق لمجلس النواب، انتقل الى المسيحية وصار كاهناً مبشّراً بالمسيح، ولم تقم القيامة. وبالتالي لو كان محمد سباط مسيحياً وتشيّع فهذا حقه. ولكن لماذا هذه الهمروجة وعن كذب؟ ولماذا تعميم الفيديو الكاذب.
وتحضرني قصة حنّون في فجر الإسلام، وقد رواها الكاتب عامر السلطاني:
يحكى أنه كان هنالك شخص إسمه حنون اعتنق النصرانية وكان يتظاهر دائماً بأنه من المخلصين لهذا الدين كان يحاول أن تكون له شخصية مميزة ودور فعال الا أنه لم يكن بهذا الحجم لأن الجميع يعرفه منافق يبحث عن الشهرة والمكاسب الشخصية… وحين سماعه بظهور الدين الإسلامي وإقبال الناس على هذا الدين ذهب الى المسلمين واعتنق الدين الإسلامي لعله يجد ضالته بالشهرة والقيادة والكسب المادي إلا أنه تفاجأ أن المسلمين سواسية كعمار بن ياسر وبلال الحبشي ومن كانوا من سادات قريش ولم يعيروا لحنون أي أهمية فزعل حنون مرة أخرى على المسلمين ورجع الى الديانة المسيحية… فقال أحد الشعراء هذا البيت: «ما زاد حنون في الإسلام خردلة/ ولا النصارى لهم شغل بحنون».
وفي الرواية التراثية ان البيت هو كالآتي:
«ما زاد حنون في الإسلام خردلة / ولا النصارى بكت لفقد حنون».