يرجع مرجوعنا إلى فوتين التي طالما بحثت في أمور كثيرة فيما المطلوب واحد. ونرجع، تالياً، إلى مجلس النواب ومجلس الوزراء واللجان النيابية والوزارية والامور الكثيرة التي تنتظر البحث فيها وإقرارها، ولكن من دون جدوى. ومن دون إقرار ولو قانوناً، أو بتّ مشروع واحد.
كلٌّ يغنّي على ليلاه. وكلٌّ عنده موّاله، وتطلّعاته، وليصطفل البلد وهمومه، والناس الضائعون بين حانا ومانا.
طبعاً، باستثناء باقة من الوزراء والنواب يبذلون جهوداً متواصلة لتحقيق وإنجاز بعض ما يتمكنون من تمريره في هذه الغابة السائبة، المفتوحة على نسائم الفساد وعواصف الغش، و… من بعد حماري ما ينبت حشيش.
بديهي جداً أن تتكاثر الأزمات وتتكسّر المشاريع والقرارات كتكسُّر النصال على النصال في غياب تام للدولة، والمؤسّسات الدستوريّة الرئيسيّة، والرقابة، والمتابعة، والقصاص والعقاب.
ودائماً باستثناء بعض الوزراء أبرزهم اثنان، يشهد لهما اللبنانيون أنهما يصلان الليل بالنهار في سعيهما ودأبهما لإشعار الناس أن الدولة موجودة ولو نسبياً. وأن القانون موجود بقوة في معظم المناطق والجغرافيا اللبنانية. وان المحاسبة موجودة بقدر لم يكن متوافراً لولا وجود وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير الصحة وائل أبو فاعور، على سبيل المثال.
وكلاهما لا يعمل لكي ينال جائزة السباق، بقدر ما يهدف كل منهما إلى ملء ما تيسّر من هذا الفراغ، وحيث زاد الشغور الرئاسي الطين بلّة، حتى كاد الشلل يكبّل كلّ المؤسسات دون استثناء، ويحول دون انعقاد ولو جلسة تشريعيّة لمجلس النواب.
مثلما ينتظر السواد الأعظم من اللبنانيّين إقرار مشاريع قوانين تمسّ بحياتهم مباشرة، من غير أن يتمكنوا من معرفة حقيقة الأسباب التي تجعل اللجان النيابية المعنية تنتقل من تصويب التعديلات هنا إلى تعديل التصويبات هناك…
إلى درجة أن البعض من الزائرين، وحتى اللبنانيّين أنفسهم، يظنون أن الدولة انتقلت هي ومؤسساتها. أو هاجرت. أو ألغيت. لا شيء سوى الفراغ. سوى متابعة الأحداث والمعارك على مشارف القلمون، وما يُقال عن تطوّرات وأحداث مقبلة.
مَنْ يقول لمن إنه بات من الضروري والمصيري القيام بخطوة جماعيّة جادة على جبهة الفراغ الرئاسي، وفضح كل من يقف في طريق هذا الاستحقاق. وبالبنط العريض؟
تثرثرون في أمور كثيرة والمطلوب واحد: رئيس للجمهورية.