إرتياب متصاعد من تباطؤ المعالجات أمام ضغوطات المُهَل
لم يعد يفصلنا عن جلسة 12 حزيران التشريعية أكثر من ثلاثة أيام ولا دخان أبيض بعد، إيذاناً بإنجاز التوافق النهائي على قانون النسبية، ما يطرح أكثر من علامة استفهام عن مدى قدرة القيادات على الإيفاء بما التزمت به وترجمة تفاهم بعبدا الذي كرّس النسبية وفق 15 دائرة كأساس في القانون العتيد، دون أن تتمكن الاجتماعات التي عُقدت حتى الآن من تجاوز النقاط العالقة التي لا تزال تؤخر الاتفاق المنشود، وسط تساؤلات عديدة عن أسباب استمرار غياب القانون الموعود عن اجتماعات مجلس الوزراء، ولماذا لم تجتمع الحكومة حتى الآن لإقرار ما تم التوافق عليه في طيّات هذا القانون وإحالته إلى المجلس النيابي؟ وهذا بحدّ ذاته مثار ارتياب لدى أوساط سياسية متابعة للملف الانتخابي الذي لا تتم معالجته برأيها بالجدية المطلوبة تجنباً لضغوطات المهل القانونية التي وضعت الجميع أمام تحديات لا يمكن الاستهانة بنتائجها، مشيرة إلى أن كل ما يُحكى عن تقدّم في الاتصالات وقرب إعلان ولادة القانون، يبقى مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي غير المبني على معطيات حسية توحي بقرب الفرج، خاصةً وأن ما عُقد من اجتماعات ولقاءات بعد إفطار بعبدا لم يفض إلى شيء، لا بل أن التعقيدات ما زالت هي هي إن لم تكن قد زادت، جراء إصرار «التيار الوطني الحر» على شروطٍ يستحيل التجاوب معها وكأنها محاولة من جانبه للتعويض عن الخسائر التي مُني بها بعد إرغامه من جانب الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله على القبول بالنسبية التي لن تحقق له نفس المكاسب التي كان يطمح إليها من خلال مشروعي «الأرثوذكسي» و«التأهيلي»، وهذا بحد ذاته يطرح أكثر من سؤال حول مدى جدية «التيار العوني» على الالتزام بما وعد به، وهل هو جاد فعلاً في الموافقة على النسبية وطي صفحة قانون الستين نهائياً، في موازاة تزايد الحديث عن أن قانون الستين لا يزال موضوعاً وبقوة على الطاولة للسير به إذا لم تنجح المشاورات في التوافق على البديل.
ووفقاً لمعلومات «اللواء»، فإن الخيارات بدأت تضيق كثيراً أمام «التيار الوطني الحر» من أجل إعلان موقفه الواضح من قانون النسبية وإعادة النظر بالشروط التي يضعها وهو الذي يعرف أكثر من غيره بأنه لا يمكن الاستجابة إليها، لأنه يُشتمُّ منها رائحةً طائفية لا تساعد على تعزيز صيغة العيش المشترك وحماية اتفاق «الطائف»، بعد المواقف الأخيرة لرئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يتصدر واجهة المعترضين على اقتراحات وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وفريقه السياسي.
وتشير المعلومات إلى أن عودة الرئيس الحريري ستعيد تزخيم حركة الاتصالات وعلى أعلى المستويات بحثاً عن المخارج التي تكفل إخراج البلد من أزمته الحالية ووضع القطار على السكة إيذاناً بالسير في مشروع النسبية ليتم إقراره في مجلس النواب قبل 20 الجاري، بالتزامن مع تمديد تقني لمجلس النواب لعدة أشهر على ما قاله وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق وهو العارف أكثر من غيره بظروف العملية الانتخابية إذا ما تم اعتماد قانونٍ جديد، وإلا فإن كل الاحتمالات واردة في حال عجز الطبقة السياسية عن التوافق على القانون الجديد، ما يعني دخول البلد في الفراغ وهو ما سيفرض عندها اللجوء كما يقول رئيس الجمهورية ميشال عون إلى قانون الستين النافذ لإجراء الانتخابات النيابية على أساسه بعد ثلاثة أشهر، وإن كانت هناك في المقابل وجهة نظر مغايرة ترى صعوبةً في إجراء الاستحقاق النيابي وفق القانون النافذ لاعتبارات دستورية عديدة لا تتوافق مع نظرة الرئيس عون إلى هذا الموضوع، وفقاً لآراء خبراء في الدستور يعتقدون أن الصلاحيات التشريعية ستنتقل في حالة حصول الفراغ إلى الحكومة التي يتوجب عليها أن تبادر إلى ممارسة هذه الصلاحيات لفترة محدودة، ريثما يُصار إلى إجراء انتخابات نيابية جديدة.