التباعد بين «القوّات» و«الوطني الحُرّ» يكبر والهوّة تتعمق بين الحليفين المسيحيَّين
ما مصير «تفاهم معراب» إذا استقال وزراء جعجع؟
إذا كان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع لم يجزم صراحةً بأن وزراءه سيستقيلون من الحكومة في وقتٍ قريب، إلا أنه أوحى بإمكانية حصول هذا الأمر في المرحلة المقبلة، عندما أشار إلى أن الاستقالة واردة، في موقفٍ يعكس بوضوح انزعاجه من الممارسات التي تحصل في عدد من الملفات السياسية تحديداً من جانب «التيار الوطني الحر» في ما يتعلق بموضوع النازحين وقضية الكهرباء، حيث لم يعد خافياً على أحد، أن «القوات» و«التيار الحر» على طرفي نقيض من هذين الموضوعين، لا بل أن التباعد يكبر والهوة تتعمق بينهما يوماً بعد يوم، في ضوء الملاحظات الكثيرة لـ«القواتيين» على أداء «العونيين»، وهو الأمر الذي يهدد جدياً تفاهم معراب مع إطفاء العهد لشمعته الأولى آخر هذا الشهر، حيث بدا بوضوح أن الأمور ساءت كثيراً بين الفريقين وهو الأمر الذي يعرّض هذا التفاهم لمخاطر جدية في المرحلة المقبلة.
والسؤال الذي يُطرح: كيف ستكون عليه الأمور في حال قرر وزراء «القوات اللبنانية» الخروج من الحكومة، وبالتالي ما هو مصير تفاهم معراب وما هي تداعيات ذلك مسيحياً ووطنياً وهل سيبقى «القواتيون حلفاء للعونيين، أم أنهم سينتقلون إلى صفوف المعارضة إلى جانب «حزب الكتائب» وآخرين؟
تجيب عن هذا السؤال أوساط «قواتية» لـ«اللواء»، بالتأكيد على أن ما يحصل داخل مجلس الوزراء لا يحمل كثيراً على التفاؤل، بسبب الكم الكبير من الملاحظات على أداء بعض المكونات الوزارية التي لا تتعامل مع الأمور من منطلقات المصلحة الوطنية كما يُفترض، تجاه الكثير من الملفات، حيث أن هناك من يغلِّب مصالحه السياسية والشخصية على حساب المصلحة العامة، دون الأخذ بالمعايير المطلوبة التي يجب اعتمادها، سواء ما يتعلق بموضوع النازحين، حيث أن هناك من يستخدم هذا الملف لغايات سياسية لم تعد خافية على أحد، أو بما يتصل بملف الكهرباء الذي تُثار بشأنه أسئلة كثيرة، وهذا بالتأكيد لا يمكن أن توافق عليه «القوات اللبنانية» التي تحرص منذ البداية على أن يكون هناك موقف وزاري واضح بما يتصل برفض التحاور مع النظام السوري بشأن عودة النازحين، لأنه ظهر من خلال محاولات بعض المكونات الوزارية أن الهدف من الدعوة لإعادة النازحين، هو السعي لفتح الخطوط مجدداً مع نظام بشار الأسد الذي يتحمل المسؤولية المباشرة عن قتل وتهجير شعبه، وبالتأكيد فإن «القوات اللبنانية» وحلفاءها وعلى رأسهم «تيار المستقبل» لا يمكن أن يتنازلوا قيد أنملة في هذا الملف الدقيق والخطير، وبالتالي فإن استقالة الوزراء «القواتيين» لن تكون مستغربة في حال بدا أن هناك من يضغط لإعادة الاعتبار بهذا النظام المجرم ويعيد فتح صفحة جديد معه على حساب اللبنانيين الذين انكووا بنار جرائمه على مدى عقود.
وإذ تؤكد الأوساط حرص «القوات اللبنانية» على التمسك بتفاهم معراب الذي أثمر إنجازات لا يمكن الاستهانة بها، وفي مقدمها ملء الفراغ الرئاسي الذي دام ما يقارب الثلاث سنوات، وأعاد اللحمة إلى العلاقات المسيحية – المسيحية، فإن الشريك الآخر مطالب في إعادة تزخيم هذا التفاهم وإعادة الاعتبار إليه، لأن في ذلك مصلحةً للجميع، بعدما خبر اللبنانيون الإيجابيات الكثيرة التي حققها منذ توقيعه وحتى اليوم ورغم المآخذ على السياسة التي ينتهجها «التيار الوطني الحر» في بعض الملفات والتي تثير الكثير من الأسئلة، فإن «القوات» ستقوم بكل ما لديها من إمكانات من أجل المحافظة على ديمومة التفاهم وإزالة العقبات التي تعترضه، لكن ذلك لن يكون على حساب تمسكها بمبادئها وثوابتها التي لن تحيد عنها مهما تعرضت للضغوطات من جانب المكونات الأخرى في الحكومة التي تحاول فرض هيمنتها وسيطرتها على القرار الوزاري، وهذا بالتأكيد لا يصب في مصلحة البلد ولا في مصلحة العهد الذي ينبغي أن يكون الأحرص على تعزيز عمل المؤسسات وتفعيل دورها ووضع المصلحة اللبنانية أولويةً على ما عداها.