ملف النفايات لا يمكن أن يعود كما كان:
فما بعد 17 تموز، تاريخ إقفال مطمر الناعمة، ليس كما قبله.
وما بعد 29 آب، تاريخ أكبر تجمع للحراك المدني، ليس كما قبله.
وما بعد 9 أيلول، تاريخ تقديم خطة شهيب، ليس كما قبله.
هذه محطات ثلاث يُفترض باللبنانيين أن يكونوا قد تعلَّموا منها لئلا تأكلهم النفايات مجدداً.
لم يعُد الحِراك مجرد ترف، لقد استُفذت كلُّ المقترحات والمعالجات إلى أن وصلت إلى خطة شهيب التي تستلزم فتح مطمر الناعمة لسبعة أيام لمعالجة النفايات التي تراكمت على مدى شهرين، فهل سيُطبَّق هذا البند؟
ليس بالإمكان عدم تطبيقه لأن البديل هو سباحة جبال النفايات في الشوارع ومجرى نهر بيروت ومجاري الأنهر الأخرى، وهذا ليس وارداً بغطاء جميع الأطراف من السياسيين، حتى أنَّ المجتمع المدني غير قادر على الرفض لأنَّ كارثة تفشّي النفايات ستُصيب الجميع من دون إستثناء.
بهذا المعنى هناك ما يمكن تسميته:
معالجة الطوارئ، ثم المعالجة الإنتقالية، ثم الخطة المستدامة.
معالجة الطوارئ تستلزم الإنتهاء ممّا تراكم من نفايات.
المرحلة الإنتقالية هي التي تمتد لثمانية عشر شهراً.
أما الخطة المستدامة فهي التي تكون جاهزة ومنجزة بعد سنة ونصف سنة.
إذا كان الشيطان يكمن في التفاصيل، فإن شياطين الخطة يجب أن يتوضحوا.
ما هو دور سوكلين في المرحلة الإنتقالية؟
ما هو دور البلديات في المرحلة الإنتقالية والمستدامة؟
هل ستعود هذه الأزمة لتتكرر من جديد؟
وفق خطة شهيب المؤلفة من سبع صفحات فولسكاب، والموقَّعة منه ومن تسعة خبراء عاونوه في إنجازها، فإنَّ الفرز من المصدر والكنس والجمع والنقل والإشراف على التنفيذ هو من مسؤولية البلديات.
لكن الخطة العاجلة تتضمَّن إزالة فورية للنفايات المتراكمة في الشارع منذ 17 تموز وحتى اليوم.
الأهم من كلِّ ذلك، ووفق الخطة:
تكليف تمديد عقد الكنس والجمع والنقل وعقد الإشراف مع كلٍّ من المشغِّل والمشرف الحاليين لفترة 18 شهراً، وإجراء عقدي مصالحة معهما عن الفترة الممتدة من 17 تموز إلى حين سريان العقدين المذكورين أي فترة ال 18 شهراً.
هكذا فإنَّ المشغِّل الحالي، أي سوكلين، عاد إلى العمل، ولكن من دون المعالجة والطمر.
هنا تُطرح جملة من الأسئلة:
كيف سيتمُّ تمديد عقد الكنس والجمع والنقل وعقد الإشراف ووفق أيِّ سعر، خصوصاً أنَّ المدة تمتد حتى ثمانية عشر شهراً؟
ما هو وضع الأمكنة التي اختيرت لنقل النفايات إليها، بعد اعتراضات أبنائها؟
ماذا لو رفض أبناء عكار وأبناء منطقة المصنع وكذلك أبناء منطقة برج حمود؟
في مطلق الأحوال، فإن هذه الخطة تُشكِّل بدايةً لا بأس بها، ولكن ألم يكن من الأفضل والأجدى أن تكون هذه الخطة جاهزة في 17 تموز الماضي وبدء البحث فيها في ذلك التاريخ؟
ماذا سيفعل وزير البيئة محمد المشنوق بعد هذه الخطة، فإذا فشل قبلها وفشل أثناءها وفشل بعدها، فما رده على كلِّ ما جرى؟
حتماً صامد ما دامت حكومة الرئيس سلام باقية إلى حين إنتخاب رئيس للجمهورية.