مرور سنة «عا سطح البلدية».. عالوعد يا كمون!
جاء برنامج «لائحة البيارتة» برئاسة المهندس جمال عيتاني فضفاضاً وحالماً ومليئاَ بالعموميّات والوعود، ومنها وعد «إزالة العوائق والدُشم الخرسانية التي تمنع وقوف السيارات أو تقطع طرقاً داخل أحياء بيروت أو تعرقل سير الناس على الأرصفة».
أين تمَّ تنفيذ هذا الوعد؟ وهل هناك أمثلة عن تطبيقه في محيط مبنى البرلمان، والسراي الحكومي، والإسكوا، و«قصر عين التينة»، و«بيت الوسط»، والوزارات، ومقرّات السفارات والبعثات الدبلوماسية والقنصليّة والدولية والإقليميّة، والمقرّات الحزبيّة، والمعابد، والثكنات والمخافر، ومقرّات إقامة الشخصيّات السياسيّة والدينيّة والقضائيّة والأمنيّة … ؟!
وتساؤل آخر عن الوعد بـ«زيادة عديد أفراد شرطة بلدية بيروت وتنظيمها لخدمة أهل بيروت، على أنْ تكون الأولوية في التوظيف لأهالي بيروت»، فقد تساءل البيارتة حينها: لماذا الأولوية وليس الحصريّة أسوة بجميع بلديات لبنان؟! على أي حال، ما هو عدد البيارتة الذين تمّ توظيفهم خلال السنة المُنصرمة؟ اللهم إلاّ إذا كانت المؤهّلات والصفات والشروط المطلوبة في اختيار عناصر شرطة البلدية يصعب ويندُر توافرها في أبناء بيروت … وربّما إلى حدّ الإستحالة!
وغيضٌ من فيض.. برنامج اللائحة تضمّن إنشاء المكتبات، وحلّ أزمة السير، وإنشاء مواقف للسيارات، وتقديم الخدمات الصحيّة وخدمة الطوارىء على مدار الساعة، وتأهيل المدارس، وفرز النفايات من المصدر ووضع مستوعبات مختلفة لفصل النفايات، وصيانة الطرقات.. فهل هناك جردة بما تمَّ تنفيذه من هذه الوعود عدا إقفال «مكتبة بيت بيروت» في السوديكو في اليوم التالي لحفل افتتاحها؟! وللتوضيح، نريد جردة بما أُنجز خلال سنة، وليس لائحة طويلة من المشاريع التي هي قيد التخطيط أو التأجيل أو التلزيم أو التنفيذ.
وماذا عن الوعد بـ»إشراك المجتمع المدني البيروتي في إطلاق المشاريع والأفكار والمبادرات المتعلقة بعمل البلدية»، و»إشراك الشباب البيروتي في العمل المدني من خلال تبنّي اقتراحاتهم وتنفيذ مشاريعهم»، ولماذا لا تُعقد اجتماعات عامة للتوقّف عند آراء المواطنين في المسائل المطروحة وسماع اقتراحاتهم قبل اتخاذ القرارات الكبرى والمؤثِّرة والمُكلفة، وعدم الاكتفاء باستقبال المواطن صاحب الشكوى الفرديّة والإنصات إلى مشكلته، أو التلطّي خلف حُجّة اللقاء أسبوعياً مع وفود زائرة، وهي في الغالب تطرح مطالب خاصة وعدد المُستفيدين منها محدود، أو هي تقوم بزيارة مُجاملة.
كنّا ننتظر بُشرى حصريّة التوظيف بأهل بيروت في جميع دوائر بلديّة بيروت، وبُشرى تخفيض الرسوم والبدلات البلديّة، لكن بلدية بيروت «الممتازة» صدمتنا بصرف ملايين الدولارات لصالح جمعيات، فهي صرفت الأموال على مهرجانات يحضرها حفنة من المدعوين حصرياً! فهل حقاً استفادت بيروت من هذه المهرجانات؟ وما تفسير بيع التذاكر بأسعار تتراوح بين 30 إلى 100 دولار؟ وما تعليل صرف الأموال على سباقات لها ميزانياتها الخاصة الضخمة المموّلة من قِبل الشركات الراعية من بنوك ومؤسّسات عقارية واقتصادية، ويدفع المشتركين فيها رسماً بدل مشاركتهم!
طبعاً من المُهم تنشيط دور بيروت الثقافي والسياحي، لكن في ظل الوضع الراهن الصعب، يُنتظر من بلدية بيروت أنْ يكون أساس أولوياتها استغلال أموالها الوفيرة في النهوض بمستوى عيش قاطني المدينة قبل أي شيء آخر.
أما المفاجأة المُذهلة فتتجسّد في تمدّد نشاط بلدية بيروت إلى خارج نطاقها الجغرافي، فإذا بها تَعِد بتقديم مساعدات وبناء صروح رياضيّة وصحيّة وثقافية في نطاق بلدتَيْ عرمون وبشامون للبيارتة الذين يقطنونها! طبعاً هم إخوتنا وحقوقهم مماثلة لحقوقنا ولو أنّهم لا يدفعون رسوماً لبلدية بيروت، لكن أليس الأحرى العمل على بناء ما تيسّر من مساكن لهم في بيروت على أراضي البلدية، وأيضاً عبر الاستملاك، أو تأمين قروض ميسّرة لهم لشراء الشقق السكنيّة! أو دعم الجمعيات التعاضدية السكنيّة أسوة بالجمعيات «الثقافيّة»!
كما أنّه يحزّ في نفوسنا أنْ نرى مجلسنا البلدي المُنتخب، يتنازل عن دوره وعن الشكليات والأعراف المُعتمدة منذ سنوات، فإذا بالمحافظ يفتتح المناسبات في حضور رئيس البلدية وأعضاء مجلسها، بينما درج العُرف والعادة أنْ يتم العكس.
لقد وصل المجلس البلدي الحالي ضمن إطار تحالف عريض ضمًّ جميع الأحزاب والتيّارات السياسيّة والقيادات الروحيّة والشخصيّات، وفاز جميع أعضاء اللائحة بفارق شاسع عن المنافسين، وعلاقة المجلس بالمحافظ مثل «السمنة والعسل»، ولا يُعاني المجلس من أي «حرتقات» أو تعطيل أو عراقيل داخلية كانت أو خارجية!
والمجلس الحالي يخلف مجالس بلديّة متعاقبة من ذات النهج والمرجعيّات منذ سنة 1998، وبالتالي ليس عليه عبء «ترتيب شؤون البيت» من بعدهم، أو المُحاسبة و«نبش» ملفات الصفقات والسمسرات والمُخالفات.
أيضاً، يملك المجلس البلدي من الإمكانيات المالية ما قد تحسده عليه وزارة الأشغال العامة، وحتماً تحسده بلديات لبنان مُجتمعة!، فما هي المُشكلة التي تقف عثرة في وجه حجم ونوعيّة وسرعة تنفيذ الوعود؟
لا بدّ أن المُشكلة في ترتيب سُلّم الأولويات.. وفي استقراء نبض الناس ومعرفة إحتياجاتهم المُلحة والضرورية والأساسيّة..
في الخُلاصة، كنّا ننتظر تنفيذ برنامج يرفع المُعاناة عن كاهل أهل بيروت، ويُتيح لهم المجال للسكن والعمل فيها، ولكن جاءت المؤتمرات الصحفيّة والمقابلات الإعلاميّة لرئيس البلدية لعرض جردة إنجازات السنة الأولى من عهده مُخيّبة للآمال.
نذكّر المجلس البلدي لمدينة بيروت بشعار اللائحة الذي انتُخب على أساسه وهو «لتبقى بيروت لأهلها».. ونتمنّى عليهم إعادة النظر في الأولويات وأوجه الإنفاق كرمى عيون بيروت و»مَنْ تبقّى من أهلها»!!.. وسنة حلوة يا… جمال!!