اثبتت المجريات عبر التاريخ ان كافة الحروب العسكرية ينتصر فيها الفريق الذي يتقن استعمال سلاح الرعاية والاعلام الذي يعتبر العنصر الاكثر فاعلية في تأليب الرأي العام وتوجيهه، وانه نجح في اسقاط جبهات من خلال بث الشائعات بالتأثير على معنويات الخصم كون المعنويات من ابرز المقومات التي تساعد في كسب المعارك او خسارتها وفق الاوساط المتابعة لمسيرة التاريخ، فأدولف هتلر لم يتحول الى ظاهرة لو لم يتوفر الى جانبه جوزيف غوبلز الذي تولى شؤون الرعاية والاعلام في الحزب النازي ونجح في صناعة صورة الفوهرر كقائد ملهم اجتاحت جيوشه الالمانية اوروبا وروسيا في الحرب العالمية الثانية وكاد ان ينتصر لولا لجوء الاميركيين الى السلاح النووي في هيروشيما وناغازاكي ما دفع بحليفه الياباني الى الاستسلام دون قيد او شرط.
وتضيف الاوساط ان الحرائق في المنطقة من ادناها الى اقصاها لم تكن قابلة للاشتعال لولا حروب الرعاية والاعلام التي قامت بترويجها بعض الفضائيات العربية المعروفة والتي شكلت العنصر الفعال في ايقاظ التطرف والتكفير وظهور اخطر تنظيمين تكفيريين في المنطقة اي «داعش» و«النصرة» اللذين اعتلما بشكل جيد قدرة الاعلام في الترويج الدعائي وقلب الحقائق وتزييفها حيث اعتمدت دولة الخلافة المزعومة على بث الرعب في النفوس من خلال عمليات الذبح والحرق وقطع الرؤوس عبر الفضائيات والمواقع الالكترونية، الى حد ان مدينة الرمادي وقبلها الموصل سقطت بايدي «داعش» دون قتال اثر فرار القوات العراقية المولجة بحمايتها، كون عنصر الرعب من ارتكاباتها شكل السلاح الامضى من البنادق والرشاشات والقذائف.
وتشير الاوساط الى ان «جبهة النصرة» اعتمدت على الحرب الاعلامية اكثر من اعتمادها على السلاح والدليل على ذلك انها نجحت باسر عائلات المخطوفين العسكريين وحركتهم في الشارع منذ معركة عرسال من خلال التهديد بقتل ابنائهم اذا لم ينفذوا املاءاتها، حيث ان ملف العسكريين بات من ابرز الملفات لدى السلطات اللبنانية وقد تولاه مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم وانجزه في رحلاته المكوكية بين قطر وتركيا، في وقت يسعى فيه بعض الوساطء ممن كلفوا بالتحرك للتوسط مع «النصرة» من قبل وزير الصحة وائل ابو فاعور الى التوصل لنتائج مرضية الا ان اتصالات احمد الفليطي نائب رئيس بلدية عرسال بالتنظيم التكفيري لم تؤت نتائج تذكر.
وتقول الاوساط ان توجيه امير «النصرة» في القلمون ابو مالك التلي الدعوة لاهالي العسكريين المخطوفين لزيارتهم في عيد الفطر حيث التقى هؤلاء ابناءهم، تندرج في خانة الحرب الاعلامية، حيث اعلن التلي ان المفاوضات متوقفة عارضاً اطلاق 3 عسكريين مقابل 4 نساء موقوفات لدى الاجهزة الامنية، اما البقية فسيبقون في اسرهم حتى اشعار آخر، محملاً الدولة اللبنانية المسؤولية، ولعل اللافت ان بعض الاعلام اللبناني من خلال سبق صحافي تمثل بمواكبتهم للزيارة، حاول عن معرفة او دونها تلميع صورة ابو مالك وتصويره على قاعدة انه نظيف اليد ولا ينتظر اموال الفدية لاطلاق العسكريين بل هو صاحب قضية، علماً ان الرجل ليس اكثر من مجرم وقاطع طريق يحيط به شذاذ آفاق لا دين لهم ولا عقيدة سوى تكفير الآخرين وتناول حبوب الكابتاغون.
وتقول الاوساط ان التلي بات امام واقع لا يستطيع التهرب منه، كونه محاصراً وان سقوط الزبداني في يد الجيش السوري و«حزب الله» بات مسألة ايام معدودة، لتعود السخونة الى جرود عرسال وان «حزب الله» سيطبق عليه عسكرياً ويقتلعه من مغارته ولهذا السبب سيبقي العسكريين المخطوفين لديه كورقة يساوم عليها لفتح ممر يسمح له بالهروب مع عصابته مقابل اطلاق سراح العسكريين، لا سيما ان هجوم «حزب الله» وتطهيره الجرود القملونية بايام معدودة وحشر التلي في مربع صغير تثبت ان «النصرة» ليست اكثر من نمر من ورق، وان الاعلام كبّر حجمها في عرسال والاسابيع المقبلة ستكون حافلة بالمفاجآت وفي طليعتها الحسم.