IMLebanon

ما سرّ إعجاب بري بـ «القومية الكردية»؟

مواجهة الإرهاب تعزّز الحاجة إلى أقوياء في الرئاسات

ما سرّ إعجاب بري بـ «القومية الكردية»؟

إنها طلائع الربيع الساخن..

في سوريا، يواصل الجيش هجومه الاستراتيجي على الجبهة الجنوبية التي تقع على تماس «جيو سياسي» مع إسرائيل.

وفي العراق، بدأ الجيش هجوماً على مناطق واسعة في محافظة صلاح الدين، بامتداد 8 آلاف كيلومتر، توطئة لمعركة الموصل.

وفي لبنان، استبق الجيش ذوبان الثلج ووجّه ضربة عسكرية استباقية، هي الاولى من نوعها، الى المجموعات المسلحة المنتشرة في بعض جرود الحدود الشرقية. صحيح أنه ربح معركة إضافية، لكن الحرب لا تزال طويلة. والحرب على الإرهاب ليست عسكرية حصراً، بل هي سياسية أيضاً، وربما أولاً.

صحيح أن الحوار بين «حزب الله» و «تيار المستقبل» يشكل أحد شروط «ترميم» الجهوزية الوطنية، لكنه لا يختصرها بالتأكيد، وبالتالي لا يعوّض عن الغياب المستمرّ لرئيس الجمهورية، وعن «فقر الدم» الذي تعاني منه مؤسستا مجلس النواب ومجلس الوزراء بفعل هذا الغياب.

بهذا المعنى، تحوّل التمادي في «الشغور الرئاسي» إلى عبء على الاستراتيجية الوطنية المفترضة لمواجهة الإرهاب، إذ إن الصراع مع قاطعي الرؤوس يتطلّب دولة مكتملة الجسم، لا مقطوعة الرأس.

والتغلّب على نقطة الضعف هذه لا يتطلّب انتخاب رئيس للجمهورية فقط، بل يجب أن يكون رئيساً قوياً، كما تؤكد مصادر سياسية ترى أن التحديات التي يفرضها الإرهاب باتت تستوجب سلطة قادرة، مكوّنة من أقوياء في رئاسات الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة، وهي معادلة تساوي، وفق المصادر: ميشال عون في قصر بعبدا، وسعد الحريري في السرايا، ونبيه بري في عين التينة.

وإلى أن تكتمل عملية إعادة تكوين السلطة، تكاد المؤسسة العسكرية تكون الوحيدة «المطابقة للمواصفات»، والضامنة لحد أدنى من الاستقرار والامن، وسط محيط مشتعل.

ويعتبر بري ان العملية الاستباقية التي نفذها الجيش اللبناني قبل أيام في جرود رأس بعلبك هي إنجاز مهم، مشيراً إلى أن الهجوم أفضل طريقة للدفاع، «وقد أحسن الجيش تطبيق هذه القاعدة على الأرض، مكرساً معادلة ميدانية تمنحه الأرجحية في مواجهة الإرهاب».

لكن بري يحذر في الوقت ذاته من أن المؤامرة مستمرة، «وهناك تحديات ومخاطر لا تزال تنتظرنا، الأمر الذي يتطلب منا تأمين أفضل جهوزية سياسية وأمنية للتصدي لها».

ويلفت بري الانتباه الى ان الجيش اللبناني هو من أفضل جيوش المنطقة، «إنما ينقصه العديد والعتاد، وأحياناً القرار السياسي، ولو توافرت هذه العوامل مجتمعة، لكان قد حقق المزيد من الإنجازات والتفوق ضد أعداء لبنان».

ويشدد رئيس المجلس على أن «المؤسسة العسكرية تكاد تكون العلامة المضيئة الوحيدة في هذا الظلام اللبناني الدامس، حيث الشلل والتعطيل يصيبان معظم المؤسسات الاخرى».

ويضيف: «لو سمعوا مني قبل سنتين تقريباً حين طالبت بالإسراع في تطويع 5 آلاف عسكري، لكان هؤلاء قد أصبحوا في الخدمة الآن، وأنا أكرّر من جديد أنه من الضروري الاستثمار في الأمن، لأن ارباحه الوطنية مضمونة».

ويتوقف بري بكثير من المرارة والاشمئزاز أمام ما ترتكبه المجموعات الإرهابية من جرائم بحق البشر والحجر، في انتهاك صارخ للحضارة الانسانية.

ومعلقاً على تدمير الآثار التاريخية في متحف الموصل، يقول: «مَن يحطم الإنسان وهو حي، يهُن عليه تحطيم الإنسان وهو ميت، وبالتالي لا عجب من اقتلاع التماثيل وتدميرها، إذا كان الأحياء يُقتلون ذبحاً وحرقاً..».

ويؤكد رئيس المجلس أن الحل الوحيد للصراعات في المنطقة «يكمن في العروبة أولاً وثانياً وثالثاً ورابعاً، لأنها الوحيدة الكفيلة بتذويب التناقضات، ومن دونها سنبقى في حالة من الانقسام والتشظي بين شيعي وسني ودرزي ومسيحي، ومثل هذا التفتيت لا يخدم سوى العدو الإسرائيلي».

ويشيد بري بسلوك الأكراد في مواجهة الخطر الوجودي الذي يتعرّضون له، لافتاً الانتباه الى أنهم وبفضل تمسكهم بقوميتهم العابرة للتمايزات المذهبية والانتشار الجغرافي، «أظهروا مقاومة صلبة دفاعاً عن هويتهم وحضورهم، وبالتالي استطاعوا تحقيق الانتصار في مدينة كوباني او عين العرب، وغيرها من المناطق التي يتقدمون فيها عسكرياً».

ويتابع بري: «بصراحة، أقول إنه لو خيّروني الآن بين القومية الكردية والقومية العربية بوضعها الحالي المزري، لاخترت الأولى..».