Site icon IMLebanon

ما سرّ صحوة المختارة على الإدارة؟

جنبلاط يتمسك بالمناصفة: هذه دوافعي لتعديل «الطائف»

يتقن وليد جنبلاط فن استقطاب الانظار، في التوقيت الذي يختاره. لا يحتاج الرجل الى بذل جهد كبير حتى يجذب الضوء إليه. تكفيه بضع كلمات من خارج السياق، ليترك الأثر.

هكذا، وبينما كان الجميع منشغلين بتداعيات الحرب السعودية على اليمن وبالسجال بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» وبأزمة الشغور الرئاسي وبالملاحقات الجارية للخلايا الارهابية.. أطل جنبلاط عبر «تويتر» بدعوة الى تعديل اتفاق «الطائف»، سرعان ما أثارت العديد من علامات الاستفهام حول الخلفيات والتوقيت.

يدرك جنبلاط ان اللعبة في المنطقة كبيرة وان مصير الملفات اللبنانية الاساسية مشدود الى خيوط متشابكة تمتد خارج الحدود، فأراد على ما يبدو ان يملأ الفراغ بشيء من «الرياضة الذهنية» فوق ملعب «الطائف» اليابس.

يوحي جنبلاط بانه يسعى، من خلال طرحه تعديلات على «الطائف»، الى إدارة «مطابقة للمواصفات». ولعله في هذا الموقف يمارس نوعا من النقد الذاتي المبطن، وهو الذي كان شريكا في عملية تقاسم جبنة الادارة تحت يافطة المحاصصة على مدى العقود الماضية، ما يجعله معنيا أيضا بان يغير سلوكه، لاثبات مصداقيته الاصلاحية، وتقليص ازمة الثقة بينه وبين جمهور من اللبنانيين.

وربما أراد جنبلاط ان يعطي إشارة في هذا الاتجاه عندما تنازل مؤخرا عن حصته في تركيبة هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس، وهي خطوة سبقها كذلك تنازله عن تعيين عميد درزي لاحدى الكليات في الجامعة اللبنانية.

ويقول جنبلاط ان الادارة الحالية مهترئة بالمقارنة مع الادارة في العهد الشهابي، والتي كانت ناجحة وشكلت علامة فارقة في مسار الدولة اللبنانية، موضحا انه يتطلع الى تعديلات «موضعية» في اتفاق الطائف، تعيد الاعتبار الى هذه الادارة، وتمنحها الرشاقة والحيوية.

ويلفت جنبلاط الانتباه الى ان الوزير أصبح وفق «الطائف» حاكما بأمره، وصاحب سلطة مطلقة في الوزارة، على حساب الادارة التي أصبحت رهينة الانتماء الحزبي لهذا الوزير او ذاك، بينما كان يوجد في السابق نوع من الخصوصية او الاستقلالية النسبية في عمل الادارة.

ويعتبر جنبلاط ان صيغة العلاقة بين الوزير والادارة بعد «الطائف» لم تكن إيجابية، بل انطوت على الكثير من السلبيات، وبالتالي فان هذه الصيغة الفاشلة باتت تحتاج الى تعديل ضروري، لتصحيح الخلل القائم الذي يجعل حركة الدولة ثقيلة وبطيئة، مع ما يرتبه ذلك من آثار سلبية على مصالح الناس.

ويشير جنبلاط الى ان من مفارقات «الطائف» ايضا انه يمنح رئيس الجمهورية مهلة محددة لتوقيع المراسيم، بينما لا يحدد أي سقف زمني للوزير الذي يمكنه ان ُيبقي المرسوم في الدُرج قدر ما يشاء من الوقت، مشددا على ان هذه الثغرة تتطلب المعالجة ايضا.

ويؤكد جنبلاط ان التعديلات التي يطالب بها لا تطال جوهر «الطائف» وبنيته التحتية، بل هي تهدف حصرا الى تحسين وضع الادارة وإعادة تفعيلها، مشيرا الى انها مجرد محاولة للخروج من الركود.

ويشدد جنبلاط على ان المناصفة الاسلامية ـ المسيحية هي أساس «الطائف»، مشيرا الى ان ما يطرحه لا يمس بتاتا هذه القاعدة الجوهرية التي لا تحتمل التلاعب بها، داعيا الى عدم المبالغة في تحليل موقفه، «لان الامر ينحصر ضمن الحدود التي رسمتها، لا أكثر ولا أقل».

ويخلص جنبلاط الى القول: اعرف ان أحدا لن يستجيب لما أنادي به، لكنني أتصرف على قاعدة: «قل كلمتك وامش..»