عن المتفائلين والمتشائمين.. والمراهنين على النووي
ما سرّ الهمس عن انتخابات رئاسية قريبة؟
تشي بعض الصالونات السياسية بأن التفاؤل بدأ يتسرب اليها، وان دائرة التشاؤم التي كانت سائدة، ضاقت الى حد بدأت فيه طبقة الهمس ترتفع شيئا فشيئا، بأن لبنان يقترب من ايجابيات، قد تتمخض عنها انتخابات رئاسية في وقت ليس ببعيد.
ينقل عن سليمان فرنجية تفاؤله بحصول الانتخابات الرئاسية، من الآن وحتى نهاية السنة.
وليد جنبلاط حذر، لا يشاطر المتفائلين او المتشائمين، في العلن. مشهد المنطقة مرتج بالنسبة اليه، ولكن في قرارة نفسه يدرك ان سفن الانتخابات لن تقترب الى الشاطئ اللبناني قريبا، الا اذا كانت سرعة الرياح في لحظة معينة اقوى من تلك السفن!
أحد القريبين من معراب، لديه «احساس» بأن الانتخابات لم تعد مستحيلة، ولا بعيدة. والأهم، ان لا اصرار على ترشيح سمير جعجع، اذا ما انسحب النائب ميشال عون من المعركة.
لا صوت في «التيار الوطني الحر»، يعلو فوق صوت المعركة. هو مع انتخابات سريعة توصل عون الى الرئاسة. ولأن طريق القصر مسدود، يتجنب تحديد مواعيد للانتخابات، ولكن تتملكه الخشية من يفاجأ بأن يستيقظ يوما ونجد الاستحقاق الرئاسي قد اصبح امرا واقعا لا مفر منه، وأن رياحه تجري بما لا تشتهي السفن البرتقالية. وتلك الخشية يفسرها البعض على انها تنطوي في مكان ما، على شعور (وربما معطيات) بأن الانتخابات لم تعد بعيدة. وربما من هنا يأتي التصعيد الذي بدأه على خلفية التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي.
يتملّك تيار «المستقبل» تفاؤل حذر، لكنه لا يستطيع الدخول في مواقيت، ربما لأن الصورة ليست واضحة لديه. وكما يقول احد الوزراء «لا نستطيع ان نؤكد حصول الانتخابات قريبا، او عدم حصولها.. نحن نمارس حاليا فعل الانتظار».
وبرغم تأكيده ان الاولوية هي لملء الشغور في سدة الرئاسة، يبدو «حزب الله» وكأنه لا يرى وميض نور في النفق الرئاسي.
الرئيس نبيه بري، متفائل رئاسيا، لديه قراءته لمشهد المنطقة، ربطا بالحراك الدولي، بالاضافة الى التطورات الميدانية في الساحات المشتعلة من سوريا الى العراق فاليمن. كل ذلك يشي بأن خيوط التسوية قد بدأت تنسج في المنطقة، ولبنان ضمنها، وربما يكون اولى ساحاتها. ولعل هذا ما يجعل بري يعتقد بأن عمر الحالة الشاذة التي يعيشها لبنان، لا سيما في ما خص الشغور في موقع رئاسة الجمهورية، قد اصبح قصيرا، والاشهر الستة المقبلة حاسمة في هذا الخصوص. ولكي لا تعطى صورة بأن الاستحقاق الرئاسي لا يزال بعيد المنال، كان من اشد المتحمسين للتمديد سنة واحدة لقائد الجيش وليس لسنتين، حتى لا يفسر بأن الازمة ستستمر لسنتين.
المتفائلون بانتخابات رئاسية خلال الاشهر القليلة المقبلة، يبنون تفاؤلهم على ما يلي:
ـ محليا، كل الاطراف الداخلية قد تعبت، ووصلت الى حائط مسدود، لا بل هي اصطدمت بعجز كل طرف على تغليب كلمته او فرض مرشحه على الطرف الآخر، وثمة شعور بدأ يترسخ لدى مختلف الاوساط ان المأزق الداخلي يتفاقم، وان الاطراف الداخليين سيجدون انفسهم مدفوعين اكثر من اي وقت مضى للجلوس على الطاولة والدخول في حوار رئاسي، وتقديم تنازلات لا مفر منها، تنتج رئيسا مقبولا من كل الاطراف.
ـ هناك مناخ دولي مساعد حاليا، في اتجاه اتمام الاستحقاق الرئاسي. وبعض المتفائلين يتحدثون حاليا عن ورود اشارات اميركية ايجابية في هذا الخصوص، من دون ان يحددوا ماهيتها.
ـ مشهد المنطقة، الذي تقرأ فيه عناوين تسويات: في العراق «هبّة» اصلاحية مفاجئة. اليمن ذاهب الى «صيغة اتحادية» الجنوب للسعودية والشمال للحوثيين ومن معهم، واما الرئيس فيكون شخصية لا تشكل عدائية للسعودية، اذ ليس صدفة ان تتوقف المساعدات فجأة عن الحوثيين، ويكبح جماحهم، وليس صدفة ان يترك للسعوديين ان يحققوا انجازات في الميدان، لا سيما في عدن.
ـ المشهد السوري المعقد، الذي قد يذهب الى سنوات، وبالتالي لن يكون في امكان لبنان انتظار تلك المدة، خاصة في ظل تطورات دراماتيكية يمكن ان تشهدها الحلبة السورية في الآتي من الايام.
واما منطق المتشائمين رئاسيا، فيقول: في الداخل لا امل بتنازلات متبادلة، الكل يملكون اوراق تعطيل، فلا عون وفريقه قادرون على فرضه رئيسا، ولا الآخرين قادرون على فرض من يريدون، ولذلك في ظل هذا التعقيد فإن الازمة مرشحة لأن تطول لسنة على الاقل.
واما اقليميا ودوليا، فالرهان على ان قطف ثمار الاتفاق النووي في المنطقة قد حان، هو رهان خاسر سلفاً. والأهم ان للحل في لبنان ركيزتين اساسيتين هما ايران والسعودية، وهاتان الركيزتان حتى الآن، تتحاوران بالنار في اكثر من ساحة، وحبل الصرة ما زال مقطوعا بينهما، فمن اين سيأتي الحل في هذا الجو؟