Site icon IMLebanon

ما هو «نصيب» اللبنانيين من معبر «نصيب»؟!

 

لا ينتظر اللواء عباس ابراهيم شهادةً من أحد عندما يقول كلمته بـ «المختصر المفيد»، فقد كان واضحاً بإعلانه أنه فاتح المسؤولين السوريين بشان «معبر نصيب» مكلَّفاً من رئيس الجمهورية و»لم يشترط عليه أو يطلب منه أحدٌ شيئاً». فهل تفي هذه العبارات الموجزة من مرجع أمني بالغرض أم أنّ المطلوب انتظار الخطوات الإجبارية المقبلة لمعرفة «نصيب» اللبنانيين من «معبر نصيب»؟

على هامش النقاش الحامي حول أسباب التأخير في تشكيل الحكومة العتيدة، رُفعت لوائح الشروط والشروط المضادة من يمين ويسار الرئيس المكلف ومعها توسّعت رقعة التقديرات حول ما إذا كانت العوائق داخلية أو إقليمية ودولية فبات الجميع غارقاً في «حوار بيزنطي».

ومن بين التعقيدات التي رافقت عملية التاليف، الحديث عن الخلاف المسبق حول شكل العلاقات التي ستكون بين لبنان وسوريا قبل بلوغ مرحلة صوغ البيان الوزاري. إلّا أنّ ما لفت النظر أكثر من أيّ أمر آخر كان الحديث عن معبر نصيب الواقع على الحدود الأردنية – السورية وإصرار البعض من أنصار النظام على ضرورة اعتراف الفريق اللبناني الآخر من اليوم بانتصار النظام السوري ليسمح له باستخدام معبر «نصيب» للعبور بعدما بلغت كلفة التصدير أرقاماً خيالية.

هذا البعض بنى استراتيجياتٍ اقتصادية بعيدة المدى أوحت أنّ الأمر رهنٌ باعتراف اللبنانييبن بالنظام السوري في وقت لم يظهر بعد إن كانت الدولة السورية والمملكة الأردنية قد قرّرتا فتح المعبر، فصحّ قول دبلوماسي بأنهم يتقنون الخلاف على جلد الدب وهو ما زال يسرح ويمرح في تلك الصحارى المحيطة بالمعبر ولم يتوجّه اليه أيُّ صياد بعد.

ولفت الدبلوماسي الى أنّ هذا الحوار ليس أوانه بعد إلّا في أذهان اللبنانيين ولغايات آنيّة ومصلحية ضيقة الأفق. فقرار فتح المعبر ليس بيد الدولتين الواقعتين على جانبي الحدود سوريا والأردن فحسب، بل هو قرار سيُتّخذ على أعلى المستويات. بدليل أنّ أيّاً منهما لم يُقدم على فتحه بعد الى اليوم رغم وضع النظام السوري يدَه عليه منذ أوائل آب الماضي.

وقال إنّ فتح المعبر رهن تفاهم دولي ستشارك فيه الى جانب واشنطن وموسكو عواصم دول مجلس التعاون الخليجي تتقدّمها الرياض التي عبّرت عن موقف متردّد لجهة الحاجة اليه، فهو وإن فُتح لتنظيم حركة العبور بين الأردن وسوريا فقط لن يكون لها رأي في ذلك إنما إذا كان سيُفتح لتوفير العبور من دمشق وبيروت الى عواصم الخليج فمسالة أخرى ما زالت قيد البحث.

ويضيف الدبلوماسي، أنه وفي مقابل الموقف الخليجي الذي بقي في الكواليس، فقد ظهر أنّ لدمشق وموسكو موقفاً تصعيديّاً مماثلاً. ومن هنا ظهرت شروطهما بربط فتحه بشروط إضافية كانسحاب القوات الأميركية من التنف والوحدات البريطانية والفرنسية المنتشرة الى الجانب الأردني من الحدود السورية في مناطق تديرها غرفة عمليات «الموك» من العاصمة عمان امتداداً الى مثلث الحدود السورية العراقية الأردنية، مع اشارة الى أنّ من شان مثل هذه الإجراءات جعله معبراً آمناً بين هذه الدول.

والى هذه العوامل التي تزيد من التعقيدات المؤدّية الى فتح المعبر، يستعجل بعض اللبنانيين الاتّصالات التي يقترحون إجراءَها مع دمشق من اجل استخدامه لعبور البضائع اللبنانية واستعادة حركة الترانزيت المشلولة منذ سنوات عدة، قبل أن يقول السوريون كلمتهم في الظروف التي ستتحكّم بحركة المعبر وسط معلومات تسرّبت الى دوائر محدودة عن نيّة السوريين برفع الرسوم الجمركية أكثر من 40 ضعفاً على الأقل واعادة النظر برسوم سمات الدخول عبر الأراضي السورية للإنتقال في الاتّجاهين، وهو ما سيشكّل عقبةً حقيقيةً تعطي الموقف طابعه الإقتصادي والمالي أكثر من السياسي أو الدبلوماسي وخصوصاً أنّ مثل هذه القرارات تشكّل خروجاً على كل الاتّفاقيات العربية البينية التي تسهّل تبادل البضائع وحركة الترانزيت في ما بينها.

وبناءً على ما تقدّم ينصح الدبلوماسي المحنّك اللبنانيين الذين يستعجلون خطوات التطبيع من أجل معبر نصيب الى التريّث في مطالبهم قبل أن يسجّل أيُّ حراك بين بيروت ودمشق في غير خانته المنطقية والعملية، طالما أنه يستبعد ما قدّمه لبنان على ارضه ومعابره البحرية والجوية والبرية للسوريين من خدمات لرجال النظام قبل المعارضين. وهنا تكمن اهمية الأخذ بالتوصيف الذي اعطاه المدير العام للأمن العام لهذه القضية ودعوته الى إعطاء الوقت الكافي لبلوغ مرحلة الحوار بهذا الشأن مخافة أن ينطبق المثل القائل «بأنّ طالب الشيء قبل اوانه عوقب بحرمانه» بما يوحي به في التوقيت والشكل والمضمون ضرورة الإنتظار لمعرفة وتحديد «نصيب» اللبنانيين من «معبر نصيب».