إعلان الحريري التزامه بدعم ترشيح فرنجية للرئاسة أعاد تحريك ملف الإنتخابات الرئاسية من جديد
ما هي خطوة رئيس «تيار المردة» تجاه حلفائه لمقابلة تبنّي ترشيحه رسمياً من «تيار المستقبل»؟
لا بدّ من ترقّب حركة الاتصالات والمشاورات التي بدأت بزخم منذ وصول الحريري إلى بيروت قبل أيام لمعرفة إمكانية تسويق مبادرة ترشيح فرنجية باعتبارها تحظى بتأييد ملحوظ
لا شك أن عودة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري إلى بيروت، حرّكت من جديد ملف الانتخابات الرئاسية الذي شهد جموداً ملحوظاً في الأسابيع القليلة الماضية، وأعادت تسليط الأضواء مجدداً على مصير المبادرة التي أطلقها الرئيس الحريري نهاية شهر تشرين الثاني الماضي والمرتكزة على دعم ترشيح رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية لمنصب الرئاسة الأولى وعمّا إذا كان بالإمكان إعطاء دفع سياسي لتعويم هذه المبادرة وتحقيق إختراق يؤدي إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية من خلالها في القريب العاجل، أم أن آلية التعطيل التي انتهجها «حزب الله» منذ شغور منصب الرئاسة الأولى قبل أكثر من عام ونصف ما تزال مستمرة على حالها وبالتالي سيبقى ملف الاستحقاق الرئاسي معلّقاً حتى إشعار آخر أو حتى يتم الإفراج عنه إقليمياً ودولياً على حدّ سواء؟
ويبدو من المؤشرات الأولى لحركة الاتصالات السياسية التي شهدت حركة مكوكية متسارعة أن هناك قبولاً من مختلف الأطراف السياسية أو معظمها لتحريك البحث بملف الانتخابات الرئاسية وكلٌ حسب رؤيته وتطلعاته وطموحاته، في حين أن الإعلان الصريح لزعيم «تيار المستقبل» بالتزامه بمبادرة ترشيح فرنجية للرئاسة وتخصيص حيّز كبير لها في خطابه بذكرى 14 شباط المهمة، يُظهر بوضوح استمرار صلاحية هذه المبادرة للبحث والتشاور بين مختلف الأطراف بخصوصها بالرغم من «فيتو» التعطيل الذي يمارسه «حزب الله» ضد إجراء الانتخابات الرئاسية عموماً بحجة التزامه «الاخلاقي» بدعم ترشيح حليفه النائب ميشال عون للرئاسة ورفض ثنائي «القوات اللبنانية» و«التيار العوني» لوصول فرنجية لمنصب الرئاسة الأولى.
ومع إنتفاء عوامل نجاح خطوة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بدعم ترشيح النائب ميشال عون للرئاسة بفعل رفض «تيار المستقبل» التجاوب معها وتأييدها واعتراض القوى المسيحية المستقلة والكتائب والاحرار عليها، لا بدّ من ترقب حركة الاتصالات والمشاورات المتواصلة التي بدأت بزخم منذ وصول الحريري إلى بيروت قبل أيام، لمعرفة مدى إمكانية تسويق مبادرة ترشيح فرنجية من جديد باعتبارها تحظى بتأييد ملحوظ من قوى وتيارات بنسبة تفوق ما حازت عليه خطوة معراب تحديداً، والانطلاق من هذا الواقع نحو عملية الانتخاب عملياً وليس نظرياً لحل مشكلة الشغور الرئاسي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية في أقرب فرصة ممكنة.
ولذلك، من الصعب معرفة ما يمكن ان تؤول إليه الاتصالات الجارية بخصوص مبادرة ترشيح فرنجية منذ اللحظة لأن التحركات والاتصالات المبذولة بشأنها، تركز على انها المبادرة الوحيدة الممكن تسويقها حالياً في ظل غياب أي طرح آخر مقبول يوازيها بالاهمية ويحقق نسبة تأييد تقريبية للقوى والأطراف السياسية بخصوصها ولأنها أولاً وأخيراً تتضمن دعم وتأييد شخصية أساسية من تحالف قوى الثامن من آذار وليس أي شخصية من خارج هذا التحالف أو حيادية على الأقل، لأن استمرار رفضها أو تعطيلها من دون سبب مبرر وخصوصاً من حلفاء فرنجية وتحديداً «حزب الله» سيؤدي في النهاية إلى إضاعة فرصة مهمة وفريدة لإيصال شخصية متحالفة معهم لمنصب الرئاسة الأولى من دون مبررات مقبولة من جهة، وإفساح الطريق امام خصومهم السياسيين للبحث عن مرشّح من خارج هذا التحالف ممن يسمون بالحياديين أو الوسطيين وهذا احتمال مطروح لا بد من اخذه بعين الاعتبار وبجدية.
وبموازاة وأهمية إعلان الرئيس الحريري التزامه بمبادرة ترشيح فرنجية للرئاسة وهي المرة الأولى التي يقولها علناً وبهذا التأكيد والوضوح، تنتظر الأوساط السياسية التحركات المقابلة التي سيباشرها رئيس «تيار المردة» باتجاه حلفائه هذه المرة وتحديداً «حزب الله» وغيره لإزالة الالتباس والغموض في مواقفهم تجاه مسألة ترشحه للانتخابات الرئاسية والحصول على تأييدهم ودعمهم ولو بالحد المقبول لتسويق المبادرة والولوج من خلالها لانتخابه رئيساً وهذه مسألة تقع على عاتقه أولاً وأخيراً لأن استمراره بوضعيته متريثاً ومتهيباً في الخوض بهذه المهمة المطلوبة منه تحديداً سيؤدي حتماً إلى عرقلة تنفيذ المبادرة وتسويقها، وهذا لن يكون في صالح مسألة انتخابه رئيساً للجمهورية.
كل هذه الأمور ستتبلور خلال الأيام المقبلة، ونتائج الاتصالات والمشاورات ستكشف بوضوح عمّا إذا كانت آلية التعطيل المبرمج لحزب الله ستعطل مبادرة ترشيح فرنجية أم لا؟