Site icon IMLebanon

ما نفع تجميل الديمقراطية إنتخابياً

ما نفع تجميل الديمقراطية إنتخابياً

إذا استحال تجميل الوضع المالي للخزينة؟

 

كيفما قلَّب المراقب أو الخبير أو السياسي أو المواطن العادي، أوراق الأوضاع اللبنانية، فإنَّه يجدها، على المستوى المالي والإقتصادي، تسير في اتجاه انحداري، على رغم كلِّ الجهود الحثيثة التي يقوم بها رئيس الحكومة سعد الحريري، للخروج مما يمكن وصفه بأنه أسوأ أزمة مالية يمرُّ فيها لبنان في تاريخه الحديث والمعاصر.

ما يمكن قوله إنَّ لبنان دخل في نفق لا يمكن الخروج منه إلا بإجراءات موجعة، ويجب أن تكون موجعة للإدارة قبل أن تكون موجعة للمواطنين العاديين.

***

لا تخرج مقابلة إلى الناس إلا ويكون فيها أكثر من نقطة سوداء تقضُّ مضاجع اللبنانيين:

على سبيل المثال لا الحصر، خرج وزير المال علي حسن خليل بمقابلة متلفزة كانت موضوعية وناجحة وشفافة كشف فيها أنَّه طلب من ثمانين إدارة رسمية وهو عدد الإدارات في لبنان خفض موازناتها بمعدل عشرين في المئة لكل إدارة، فلم تتجاوب سوى عشرين إدارة من أصل ثمانين، وهي إداراتٌ موازناتها غير كبيرة، فيما تلكَّأت الإدارات الستون المتبقية، وموازناتها هائلة.

***

السؤال الذي يطرح نفسه هنا:

إذا لم تعمد هذه الإدارات المقصِّرة، من تلقاء نفسها، إلى خفض موازناتها، فإنَّ على رئيس الحكومة أن يُلزمها بعملية الخفض، بالتنسيق مع وزارة المالية، كأن تتم عملية الخفض بمقدار عشرين في المئة، قسراً، لأنَّه ما لم يتم هذا النوع من الإجراء فإنّ بعض الإدارات سيبقى على أدائه من الترف، وكأنَّ البلد يعيش في بحبوحة ولديه فائضٌ مالي ويستطيع أن يصرف دون هوادة، علماً أنَّ الأمر ليس كذلك على الإطلاق وأنَّ المطلوب شيءٌ واحد، هو التقشف.

 

***

ومن العلامات السوداء أيضاً، كشف وزير المال أنَّ إدارات عدة تعمد إلى الزيادة في انفاقاتها، من دون الأخذ بعين الإعتبار أنَّ الخزينة لا تحتمل كل هذا البذخ. في هذه الحالة لا بدَّ من التعميم أنَّ أية موازنة لا تصبح نافذة ما لم تحظَ على موافقة المالية، في هذه الحالة تضطر الإدارات إلى الأخذ بعين الإعتبار ما هو مطلوب منها من تقشف. شكراً معالي الوزير على المصارحة.

***

البعض في الداخل اللبناني من سياسيين يقولون، إنَّ النفط المستخرج من بحر لبنان سيعوِّض مليارات العجز المترتبة على هذا البلد الصغير، لقد فات هؤلاء التوقف عند الحقائق التالية:

الحقيقة الأولى:

إنَّ النفط قد لا يكون بالكمية التي يطمح إليها اللبنانيون.

الحقيقة الثانية:

إنَّ عملية الإستخراج لن تبدأ قبل سنتين، ومن اليوم وحتى تتم عملية الإستخراج ثم عملية البيع، ماذا سيفعل لبنان في ظل حاجته إلى ستة مليارات دولار سنوياً لتغطية العجز في الموازنة؟

***

إنَّ تحاشي ما يمكن تحاشيه، يكون بالإسراع في إنجاز الموازنة في مجلس الوزراء تمهيداً لإرسالها إلى مجلس النواب، قبل شهر على أبعد تقدير من مؤتمر باريس – 4 ومؤتمر بروكسيل ومؤتمر روما. وما لم يحصل هذا الأمر، فإنَّه سيكون صعباً على الدول المانحة أن تقدم شيئاً للبنان، وعندها يقع المحظور إلاّ إذا تدارك القيِّمون الوضع سريعاً.

***

من هنا فإنَّ إقرار الموازنة أولوية تتقدم على كل ما عداها… صحيح أنَّ الإنتخابات النيابية مهمة ولكن ما نفع تجميل الديمقراطية في غياب تجميل الوضع المالي للبلد؟