IMLebanon

ماذا ينتظر لبنان بعد تفجيرات بلدة القاع الحدودية؟

ماذا ينتظر لبنان بعد تفجيرات بلدة القاع الحدودية؟

مناقشات مجلس الوزراء لا تُجيب.. والحل بإقفال الحدود وانسحاب حزب الله

دلّت مناقشات الوزراء على اتساع الهوّة بين المسؤولين حول وسائل درء الخطر الذي يتهدّد الجميع

ماذا تنتظر الدولة، بل ماذا ينتظر لبنان، بعد تفجيرات القاع، هذا السؤال الكبير طُرح على جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أول من أمس، أي غداة وقوع التفجيرات في بلدة مسيحية تقع على الحدود مع سوريا، وقد تعدّدت الأجوبة عليه وتنوّعت، فبعضها اعتبرت أن المستهدف من هذه التفجيرات ليس بلدة القاع بحدّ ذاتها، بل أن المستهدف هو لبنان كدولة وكنسيج إجتماعي متنوّع، وعزا وزراء آخرون وجلّهم من مكوّنات الرابع عشر من آذار هذا الأمر إلى وجود حزب الله في سوريا يُقاتل بلبنانيين إلى جانب النظام السوري، ضد شعب ثائر على هذا النظام ويُريد إسقاطه، وبعدما فشلت كل الدعوات والمطالبات بانسحابه من سوريا، وترك الشعب السوري يقرّر مصيره بنفسه، كان ذلك كفيلاً بأن تتوجّه الثورة السورية نحو لبنان كردّ فعل طبيعي ومشروع في نظر الثوار على تدخّل «حزب الله» في شؤونه الداخلية داعماً للنظام وبقائه في السلطة يرتكب المجازر في حق الشعب، وبالتالي ليس المقصود فقط بلدة القاع المسيحية نظراً لحساسيتها وحسب، بل جاء ذلك بمثابة إنذار للدولة بكل مكوّناتها السياسية والدستورية بأن لبنان لن يظل بمنأى عمّا يجري في الداخل السوري، بل سيكون هو المتضرّر الأكبر، وليست تفجيرات القاع سوى البداية.

وثمّة فريق آخر من الوزراء انطلق من تفجيرات القاع ليستذكر معلومات سابقة عن وجود اتجاه حقيقي عند تنظيم «داعش» لإقامة دولة الخلافة على أجزاء من لبنان قريبة من الحدود مع سوريا، وأن اختيار بلدة القاع المسيحية مخطّط له لتهجير المسيحيين من هذه المنطقة الحدودية وجعلها موطئ قدم ومركز إنطلاق لدولة الخلافة في اتجاه بقية البلدات والمدن والقرى البعلبكية والبقاعية باتجاه البحر، ما يعني حسب تحليلهم أن ما حصل يستهدف كل لبنان وجوداً وكياناً وبات يتوجّب على الحكومة والقيادات اللبنانية كافة مواجهة هذا الوضع الخطير بإجراءات أمنية حاسمة من جهة وبتوحيد الصف والموقف لمواجهة هذا الأمر الخطير، وإلا فإن البلد برمّته يكون قد دخل في المجهول.

في حين ذهب فريق ثالث من الوزراء يتقدّمهم وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إلى تحميل النزوح السوري الكثيف مسؤولية هذا التفجير، معتبراً أن ما حصل في القاع يشكّل البداية، وعلى الحكومة بكل مكوّناتها واتجاهاتها التخلّي عن كل الاعتبارات الأخرى والتعاون الجدّي في ما بينها من أجل وضع حل مناسب للوجود السوري في لبنان، وإلا فإن الأمور ذاهبة إلى الأسوأ، وما حصل في القاع يشكّل البداية وليس النهاية، ويُقال أن الوزير باسيل بالإضافة إلى تشديد الرقابة الأمنية على النازحين السوريين، وإعادة التدقيق في كل الملفات، دعا الأهالي في البقاع إلى حمل السلاح دفاعاً عن مدنهم وبلداتهم وقراهم وأهلهم، وعدم الاعتماد على الأمن الرسمي من جيش وقوى أمن داخلي، ما استدعى كما يُقال أيضاً ردّاً قاسياً من وزير الداخلية نهاد المشنوق فنّد فيه عدم صحة ادّعاءات الوزير باسيل وكشف عن معلومات عنده تؤكّد أن الانتحاريين قدموا من داخل الأراضي السورية ولم يقدموا من داخل لبنان، وتحديداً من مخيم للنازحين السوريين في مشاريع القاع.

هذا الكلام المختلف الذي تسرّب عن المناقشات التي دارت في الجلسة الأمنية الخاصة التي عقدها مجلس الوزراء قبل يومين على خلفية تفجيرات القاع، دلّت على مدى اتساع الهوّة بين المسؤولين اللبنانيين حول الوسائل الآيلة لدرء الخطر الذي يهدّد الجميع، وعلى مدى الإرباك الذي أحدثته تفجيرات القاع الإنتحارية وطُرق التصدّي لها، وإذا كان الأمر استقر في نهاية تلك المناقشات على رفض منطق الأمن الذاتي وعلى أن تتولى القوى الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي مسؤولية الحفاظ على أمن القاع ومنطقة البقاع، فإن أمراً آخر طُرح على مجلس الوزراء لا يقلّ أهميّة وهو ضرورة إقفال الحدود مع سوريا حتى ولو اضطّر لبنان إلى الاستعانة بقوات دولية تُرسل بقرار من مجلس الأمن ومن الأمم المتحدة للمساعدة على هذه الإجراءات، وإلّا فإن الخطر سيزداد على هذا البلد من «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية ويكون هذا البلد قد دخل في المجهول، علماً بأن الهدف الأساسي يبقى في أن يقتنع حزب الله بسحب قواته من سوريا ووقف دعمه للنظام، وإذا لم يحصل ذلك فإن الخطر على لبنان سيزداد يوماً بعد آخر خصوصاً وأنه لا يوجد في الأفق المنظور وغير المنظور أيّة مؤشرات للتوصل إلى إنهاء النزاع والحرب الدائرين في سوريا بين النظام المدعوم من «حزب الله» وإيران وروسيا وبين غالبية الشعب السوري، وهنا يكمن الجواب على السؤال الكبير: ماذا ينتظر لبنان بعد تفجيرات القاع، تلك البلدة المسيحية المتاخمة للحدود مع سوريا، وتُصبح كل الأسئلة التي طرحها الوزراء في جلسة مجلس الوزراء الأمنية مشروعة ويُصبح الكلام الأخير الذي أطلقه رئيس مجلس النواب نبيه برّي في لقاء الأربعاء النيابي تعليقاً على ما حدث في القاع مشروعاً تماماً.