Site icon IMLebanon

ما الذي يجعل “حزب الله ” يلوذ بالصمت حيال تطور مفاجئ بحجم ترئيس فرنجية؟

قبل ايام سئل احد رموز “حزب الله” في مجلس خاص: الى متى ستظلون تعتصمون بالصمت المطبق حيال تطور سياسي صادم بحجم تسمية رئيس “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية رئيسا عتيدا ، وهو تطور يحتاج منكم كما من سواكم كلاما كثيرا مباحا؟ فكان رده مقتضبا: “نحن ندير معركة سياسية وأحد اسلحتنا الاستعانة بالكتمان والصمت”.

هذه الاجابة على كثافتها تختزل في طياتها بالنسبة الى العالمين ببواطن الحزب امرا اساسيا جوهره ان الحزب مربك من جهة ومتوجس من جهة اخرى وينتظر توالي المزيد من المؤشرات وانكشاف المزيد من المخبوء من جهة ثالثة.

الارباك يتأتى من ان الحزب سيكون في لحظة ما مضطرا الى المفاضلة بين حليفين موثوق بهما، واي حسم في اي اتجاه له تبعاته واثمانه.

والتوجس مصدره ان العرض الذي قدمه الرئيس سعد الحريري من ألفه الى يائه شكل مفاجأة وصدمة له كما لسواه من كل مكونات المشهد السياسي اللبناني. وعليه كان الحزب مضطرا ايضا الى الذهاب في رحلة تقص عاجلة وحاسمة ليعرف ما اذا كان العرض برمته صفقة مدخلها الرئيسي انتخابات رئاسية لتترك بعدها الامور بكل تفاصيلها وشياطينها الى مرحلة لاحقة، ام انه معبر الى تسوية كاملة متكاملة يتم التفاهم عليها استهلالا قبل ولوج عتبة مقر مجلس النواب لتدور صندوقة الاقتراع دورتها على ترسيم الحدود وعلى كل ما يلي هذه العملية من شروط تأليف الحكومة الجديدة الى توزيع المراكز القيادية وشكل قانون الانتخاب ، وبين هذا وذاك مسألة الثلث المعطل ومضامين البيان الوزاري وما يمكن ان يفرض على الرئيس العتيد من شروط مسبقة خصوصا ان هناك كلاما على 13 نقطة رئيسية.

ومن منطلق هذه الاشكاليات والقضايا يصدق اطلاق الحزب لمصطلح المعركة على الحدث المستجد وسبل مقاربته والتعامل معه. في الكواليس المحيطة بالحزب اكثر من رواية وواقعة يتم تداولها عن صلة قيادة الحزب بالحدث مبتدأ وخبرا اي مذ كان جنين الهمس في الكواليس الى ان صار عرضا من لحم ودم وتبين انه يحظى بقوة دعم خارجية لا ريب فيها وحولها، وصار يتعين على كل الاطراف البحث لا عن سبل الاعتراض عليه واسقاطه بل عن كيفية التكيف معه والخضوع لمشيئته كونه وضع لينفذ وليس قابلا للرد.

وعليه يقال في الكواليس ان المرشح للرئاسة الاولى النائب فرنجية ومنذ ان اتاه نبأ العرض، بادر على الفور الى زيارة دمشق التي ما انقطع عن زيارتها عارضا الموضوع برمته مع الرئيس السوري بشار الاسد. وبعد تقليب الامر على كل اوجهه كان الرد الحاسم للاسد: “انا اثق تماما كما تعلم بالسيد نصرالله. عليك مراجعته والتفاهم معه بعد مراجعة العماد عون”. وهنا تتباين المعلومات، فثمة من يؤكد ان فرنجية قابل على الفور السيد نصرالله عارضا الامر من كل جوانبه، فكان رد نصرالله مركزا على الآتي:

– انت حليفنا التاريخي الذي لا يرقى الشك الى وطنيته وقوميته وقد خضنا معا اقصى المعارك.

– انا لدي توجسات من العرض توقيتا ومضمونا واتمنى عليك التريث والتفكير مليا.

– ان مرشحنا المعلن الذي لا يمكن التخلي عنه هو العماد عون او من يسميه هو.

ولكن ثمة من لايجزم في حصول هذا اللقاء ويتحدث عن موفد للنائب فرنجية الى قيادة الحزب وحمل الرد. ومما يزيد الالتباس هو صمت الحزب عن نبأ اللقاء لقطع الشك باليقين.

المهم انه بعد ذلك ذهب فرنجية الى باريس واجتمع مع الرئيس سعد الحريري في اللقاء الشهير الذي صار لاحقا علامة فارقة في المشهد السياسي اللبناني ومنطلقا لمرحلة جديدة بمواصفات مختلفة تماما عما سبقها، خصوصا ان فصولها ما فتئت تتوالى ونتائجها ما برحت تتداعى حتى الساعة والى فترة بعيدة لا سيما ان الحريري ابلغ ضيفه بانه مرشحه الرسمي للرئاسة الاولى وان على كل منهما مهمة تسويق هذا العرض.

اما السيد نصرالله فذهب الى موقف آخر اذ اطل في مناسبة دينية ليعلن للمرة الاولى عن عرض ثلاثي البعد جديده اللافت انه تحت سقف اتفاق الطائف.

ومهما يكن من امر فالتطورات المتسارعة منذ نحو عشرة ايام واصرار فرنجية على انه مرشح جدي وانه جائزة اعطيت لقوى 8 آذار وان انتخابه فرصة نادرة للاستقرار وعدم انتخابه معبر محتمل للفوضى، لذا فهو ماض قدما في التعامل ايجابا مع العرض الذي اتاه على حين غرة. وفي مقابل عدم تقبل العماد عون لهذا العرض حتى الان فان “حزب الله” في وضع لا يحسد عليه ولا يتيح له اخذ قرار عاجل.لذا فهو على ما يبدو ولج مرحلة ترقب وانتظار من عناوينها العريضة :

– المبادرة الى الكشف سريعا بعد سريان العرض عن مضمون رسالة بعث بها نصرالله الى العماد عون فحواها: نحن واياك في موقف واحد ولسنا في حل من التزامنا المعلن تجاهك.

– لا تنتظروا ان نكون في وقت من الاوقات في موقع الضاغط على العماد عون للقبول بالعرض، فهو المخول اخذ القرار وفق حسابات ونحن ملتزمون هذا القرار.

– الحزب على دراية بالمعلومات التي تقول ان هناك محاولات تبذل من اكثر من جهة مع العماد عون لتغيير موقفه او التأثير عليه، وان في بعضها اغراءات كمثل القول انه لن يكون رئيسا بل سيكون بمثابة الحاكم مع سلة اغراءات تصل الى حد تحديد الحصص التي سينالها بدءا من قيادة الجيش الى حاكمية المصرف المركزي الى سواها.

– لم يعد خافيا ان هاجس الحزب الاساسي هو: هل ما يعرض هو صفقة عبر بوابة ترئيس احد ابرز حلفائه، ام هو التفاف على سلة الحل المتكاملة التي سبق وقدمها السيد نصرالله؟

– من البديهي ان الحزب يراقب عن كثب عمليات التواصل المكثفة التي يجريها فرنجية مع حليفه “التيار الوطني الحر” والتي كانت فاتحتها اللقاء بينه وبين الوزير جبران باسيل وزيارة التعزية التي قام بها الى الرابية والتي كسرت الحواجز امام لقاء مرتقب بين القطبين قريبا لوضع الامور على بساط احمدي، وهي كلها تطورات يمكن البناء عليها، ومن البديهي انه سيكون للحزب مشاوراته مع حلفائه.