IMLebanon

ماذا طلب المشنوق من قهوجي؟

تشهد الساحة السياسية اللبنانية، جولات من الإتصالات والقرارات والمحاولات لاحتواء الأزمة السياسية التي تكبر على وقع طبول الشارع ، بين المؤجل منها والمستحق على حدّ قول مصادر متابعة، مع دخول لبنان نفقاً خطيراً مع تفاقم الاوضاع ، في ظل العجز عن تسيير ابسط متطلبات الحياة ، لافتة الى ان الاوضاع ذاهبة في اتجاه التدهور على مستويات عدة، فيما تستعد حملة «طلعت ريحتكم» ومعها احزاب ومنظمات في المجتمع المدني لتظاهرة ، تغيب عنها خارطة طريق بشعارات واحدة، ما يضع علامات استفهام حول جدّية التحرّكات ومدى تأثيرها ،ما يجعلها ارضاً خصبة لجذب المندسين لاثارة اعمال الشغب والفوضى كما حصل في نهاية الاسبوع المنصرم لتحقيق اهداف مغايرة تماماً عن تلك التي ينادي بها المتظاهرون.

فمع اجماع المتابعين بان لبنان يمر بمرحلة جمود لأن الانفراج الاقليمي الموعود بعد الاتفاق الاميركي ـ الايراني لم تظهر ملامحه حتى الآن، ما يجد ترجمته في عدم سقوط الحكومة والذهاب بالاوضاع الداخلية الى الفوضى من خلال المس بالاستقرار المادي والامني، رغم الحراك السياسي والحزبي والشعبي العنيف ضدها، واصرار العماد ميشال عون على السير بخطواته ومواقفه التصعيدية المؤجلة الى حين، في ظل تركيز حزب الله على الوضع الاقليمي وما ستكون عليه الاوضاع في سوريا والعراق بعدما مالت الدفة في اليمن لمصلحة الاتجاه العربي، محاولا ضبط التوازنات بين مطالب الرابية ومبادرة عين التينة، في معادلة معقدة، تتحكم في القرار السياسي اللبناني الاستراتيجي، بغض النظر عن المواقف والدعايات، مؤداها استمرار الحكومة في الاجتماع وتصريف الاعمال ، دون اتخاذ قرارات حيوية ، متقدمة ببطء دون السقوط.

واشارت مصادر وزارية الى ان التسوية السياسية للجلسة الحكومية، التي نسج خيوطها رئيس مجلس النواب نبيه بري، بدت في العلن وكانها اصطدمت بجدار مقاطعة وزراء الثامن من آذار، فان المضمون كشف بوضوح ان «المقاطعة» بحد ذاتها قد تكون البند الاول في جدول التسوية، بحيث تحول «الغياب الممنهج» ، على اهميته وابعاده، الى ايجابية عززتها فرصة سماح الايام الثماني التي اعطاها العماد عون قبل العودة الى الشارع، معيدا طرح مبادرته السابقة للخروج للازمة ، بعدما عادت الامور الى مربعها الاول ، لجهة المطالبة ببحث الآلية والعودة عن المراسيم الموقعة ، حيث ابدى الرئيس سلام ليونة واضحة، مرورا بالمشاركة، وصولا الى بند التعيينات الامنية والعسكرية والتي دخل على خطها السفير الاميركي دايفيد هيل.

وفي ما يبقى الغموض يلف مصير البند الثاني من التسوية بحسب المصادر وما اذا كانت المقاطعة ستنسحب على سائر الجلسات، بعدما افسحت المجال امام تمرير «الضروري والملح « ام انها ستتوقف عند عتبة سحب المراسيم لاعادة النظر بها ، بدا لافتا اتصال الرئيس بري برئيس الحكومة تمام سلام متمنيا عليه التريث في الدعوة لعقد جلسات مجلس الوزراء افساحا في المجال للمشاورات وصولا الى حلول تؤمن حضور كل الاطراف، مع تأكيد الجنرال بشكل واضح ان لا استقالة ولا انسحاب من الحكومة لان لا مجال لتشكيل اخرى حاليا.

على هذا الصعيد كشفت مصادر مطلعة أن أكثر من طرف تمنى على رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» عدم الانضمام الى حراك «طلعت ريحتكم» اليوم على اعتبار ان ذلك سيخلق حساسيات بين الجمهور البرتقالي والجماهير الاخرى التي لا تتبع لأي من الاحزاب السياسية، وهو ما دفع بالعماد عون الى تأجيل التحرك العوني الى الجمعة المقبل، خاصة بعد فشل مساعي عقد لقاء الاقطاب الموارنة المنتظر في ظل «تردد» الاقطاب الأربعة عن تلبية اي دعوة من هذا النوع، خاصة ان الجنرال وضع البطريرك خلال لقائه به بما يتعلق بالموضوع الحكومي وتمرير عدد من المراسيم بغياب الاجماع عليها، واضعا اياه في أجواء الاتصالات وامكانية العودة الى الشارع، مشيرة في المقابل الى ان عون اشتكى خلال اللقاء من ممارسات التيار الازرق ورئيس الحكومة تمام سلام، حاثا الراعي على لعب دور لمنع تفاقم الامور.

وسط هذه الاجواء، اكدت اوساط سياسية قريبة من فريق الثامن من اذار ان الثوابت الاساسية التي حكمت مرحلة ما قبل انطلاق التظاهرات الشعبية الاحتجاجية على ملف النفايات ما زالت قائمة من دون تعديل ، وكل ما يتردد في شأن التخلي عنها للانتقال الى مرحلة جديدة غير دقيق، مشددة على ان الثوابت الثلاث تتمثل في: الحفاظ على الاستقرار الامني الداخلي، التمسك بحكومة الرئيس سلام وعدم السماح باسقاطها، تأييد ترشيح عون لرئاسة الجمهورية، داعية للتوقف بتمعن عند الرسالة التي حملها رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، للرئيسين بري وسلام والنائب وليد جنبلاط، حول تضامن الحزب الكامل مع العماد عون لجهة النزول الى الشارع، ما دفع بحسب المراقبين ببيك المختارة الى الاتصال بالرابية في متابعة للاتصالات الجارية في الكواليس السياسية لإيجاد تفاهم مع الاخير حول موضوع الترقيات العسكرية.

في اطار الاستعدادات المتخذة لمتابعة التحرك اليوم السبت، فقد علم ان وزير الداخلية عرض لتقرير مفصل حول احداث نهاية الاسبوع الفائت، طالبا تواجد الجيش ودعمه في ظل عجز قوى الامن الداخلي عن ضبط الوضع لوحدها، الامر الذي تم الاتفاق عليه فيما اعطيت التوجيهات بالتنسيق المباشر بين القوى العسكرية والامنية . عليه فان حدود ما سيحدث اليوم لن يتخطى ما حدث الاسبوع الماضي ، الا اذا ما طرأ ما ليس في الحسبان.