تشكّل المنافسة السياسية بين الحلفاء حديث المجتمعات السياسية، وخصوصاً إذا كانت تتقاسم منطقة جغرافية مشترَكة، إلّا أنه من وجهة النظر العملية تأخذ هذه المنافسة طابعاً ديموقراطياً بعيداً من العنف أو تحريك شارعٍ مقابل آخر.
خرج الى العلن التباعد بين حزبَي «الكتائب» و«القوات اللبنانية»، حيث يحاول كلّ فريق إظهار أنّ برنامجه وعمله السياسي الوطني هما الافضل. ولا يخفى على أحد رفض الكتائب الاتفاق بين «التيّار» و«القوات»، وما تبعه من ترشيح رئيس حزب «القوات» سمير جعجع للنائب ميشال عون وما سبّبه من تشرذم بين «القوات» و«الكتائب».
وفي هذا الإطار، يشير مصدر كتائبي لـ«الجمهورية» الى أنّ «الموضوع غير شخصي، والتواصل دائماً موجود مع القوات، وليس هناك من توتر إنما اختلاف في القراءة السياسية خصوصاً أنّ «الكتائب» تعتبر أنّ ترشيح عون هو ضربٌ لكلّ الثوابت التي ناضلنا لأجلها في 14 آذار»، معتبراً أنّ «العماد عون لم يغيّر في سياسته، فما زال يدعم سلاح المقاومة وتدخّلها في سوريا، ما يضعه في خانة الخصم السياسي لـ«الكتائب»، لذلك لا يمكن أن نعمل عكس ثوبتنا السياسية ومبادئنا وأن ندعم وصوله أو وصول النائب سليمان فرنجية. وبما أنّ البلد مستمرّ في الفراغ منذ أكثر من سنتين حان الوقت للاتجاه الى أسماء أخرى تدافع عن حقوق المسيحيين واللبنانيين.
يصف «الكتائب» تبنّي القوات وصول عون الى الرئاسة، بالخطوة غير المنطقية، ويتساءل المصدر: «كيف يمكن أن نقول لجمهورنا على مدى 10 سنين إننا ضد عون لنتسفيق في اليوم الثاني ونرشّحه»؟ مستغرباً كيف أنّ جمهور القوات تقبّل هذه الخطوة».
وفي حين حمّل «الكتائب»، حزب «القوات» مسؤولية استمرار الفراغ، يؤكدّ المصدر أنّ تصرّفات عون هي السبب، ويقول: «يتّكل عون على «القوات» كي لا يشارك في جلسات الانتخاب، وقد سمعنا ذلك مباشرةً من الوزير جبران باسيل عندما قال على طاولة الحوار: «عون أو لا رئيس»، فكيف يمكن أن ندعم رئيساً، يعطّل جلسات الانتخاب»؟
وعلى صعيد آخر، تمنّى حزب «الكتائب»، لو أنّ «القوات» شارك في الحوار، الذي تمّ التطرّق خلاله الى موضوعات أساسية على المستوى
الوطني، ويشير المصدر الى أنه «يُحكى كثيراً عن مؤتمرات تاسيسية، وعن تعديلاتٍ دستورية في غياب الرئيس، وهذا أكبر خطر على المسيحيين، والذي يهمّه مصلحتهم لا يقول: أنا أو لا أحد، لأنه بذلك يساهم بضرب موقع الرئاسة».
وفي موضوع التحالفات الجديدة التي يقوم بها «الكتائب»، يلفت الى أنّه «تزامناً مع حركة الإصلاح التي يقوم بها حزبنا لتصحيح كلّ الأخطاء التي أنجزَتها الحكومة الحالية، نحن مستعدون للتحالف مع مَن يقوم بثورة على الذات بهدف التغيير الى الأفضل، إن كان من الأفرقاء السياسيين أو من المستقلين. فالطبقة السياسية الحالية غير نافعة وغير منتجة في جميع الملفات، مؤكداً أنّ «مَن سيستمرّ في العمل السياسي كما هو عليه الآن سيكون خصماً لنا».
موقف القوات
من جهة أخرى، يصف حزب «القوات اللبنانية» الوضع الحالي بالحالة التنافسية الديموقراطية داخل الصف الواحد. ويؤكد مصدر قواتي لـ«الجمهورية» أنّ «بعضاً من المحازبين غير المطّلعين يصفون أجواء هذا الصراع بالمتوترة، لكن يجب أن لا يتناسى أحد أنّ المبادئ التي يؤمن بها «الكتائب» هي نفسها التي يؤمن بها «القوات».
وعن إطلاق النار باتجاه «القوات» بعد ترشيحه عون، يرى المصدر أنّ «السياسة تتحرّك حسب الوضع الراهن، لذلك لا يوجد خصم أو حليف ثابت»، معتبراً أنّ حزب «القوات» رأى أنه من الجيد التئام الجرح بين المسيحيين، ما أسفر عن «إعلان النيات» بين معراب والرابية، وهذه الخطوة نالت تأييد غالبية الشارع المسيحي. وأتى ترشيح عون ليواكب هذه الورقة خصوصاً أنه ينال تأييد حزب الله الذي هو دينامو 8 آذار».
ويشدّد المصدر على أنّ «أحداً لم يتضرّر مِن هذه المصالحة، وتحالفنا مع التيار لا يعني الاتفاق مع حلفائه، وبنود إعلان النيات واضحة وتصبّ في مصلحة 14 آذار، وقبول عون بكلّ البنود أعطى هامشاً مهماً في تموضعه السياسي»، مضيفاً «لا نريد تسمية الامور بأسمائها لكن مَن يعمل في السياسية يجب أن يُتقن قراءة ما بين السطور».
أمّا عن تأييد عون للنظام السوري، فيقول المصدر: «يرفض عون الوجود السوري في لبنان أو التدخل في القرارات اللبنانية، وهو حرّ بدعمه لسوريا خارج لبنان فهذا لا يشكل أيّ خطر، وأيّ تغيير في هذ الموقف سيواجهه موقف حازم من القوات».
وأضاف: «هناك مصلحة رئاسية كبيرة بوصول عون الى الرئاسة، وكنا نتمنّى لو أنّ هناك إمكانية بوصول جعجع أو الرئيس أمين الجميل، لكنّ ترشيح الرئيس سعد الحريري لفرنجية أسقط حكماً حظوظَ جعجع، وبالتالي يجب علينا أن نتبع السياسية الواقعية».
وعن تحميل الكتائب للقوات مسؤولية الفراغ يقول: «هذا تكتيك سياسي يمارسه حزب الكتائب، وهذا هامشه في المناورة. إلّا أننا و«الكتائب» واحد، فاستراتيجيّتنا موحدّة، لكننا نختلف في التكتيك».
يعتبر «القوات» أنّ الجمهور هو الحاكم الأساس على التكتيك الأفضل، وذلك يُترجَم في صناديق الاقتراع ويشير المصدر الى أنّ «توزيع موازين القوى واضح، وحجم القوات لا يخفى على أحد إن من خلال التمثيل النيابي، أو الشعبوي أي في انتخابات النقابات والمصالح الطلابية في الجامعات.
كما أنّ تحالف فريقين سياسيَّين مسيحيَّين بحجم «التيار» و«القوات» أمّن نسبة تمثيل تفوق الـ51 في المئة، من هنا نتمنّى على مَن لا يريد تأييدهما أن يبتعد عن المهاجمة».