IMLebanon

ما من حروب مستدامة  وآخرتها النزول عن الشجرة 

ما من قوى عظمى في العالم قادرة على شن الحروب المتواصلة بلا نهاية. وتجارب السنوات والعقود السابقة أثبتت هذه الحقيقة، بل وما هو أبعد منها، ولا سيما بعد المغامرات العسكرية النزقة للرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش. ونتائج الحربين الصاخبتين التي شنتهما القوات الأميركية على كل من أفغانستان والعراق تباعاً، أعطت درساً عميقاً لخليفته في البيت الأبيض الرئيس باراك أوباما. ولو لم يكن هذا الرئيس الأسمر حكيماً بطبعه وتكوينه الجيني، فإن كوارث الأوضاع التي ورثها عن سلفه علمته، بل أجبرته، على أن يكون حكيماً بالرغم منه! وكان قراره الاستراتيجي ليس فقط سحب القوات من مناطق الحرب، وانما أيضاً عدم الانزلاق والتورط في حروب جديدة والى أجل غير مسمى. وقدم أوباما نموذجاً جديداً في التعاطي السياسي، هو أن يكسب بالقوة الناعمة لا بالقوة الخشنة. وذهب في المكر أبعد من ذلك، فأوجد لكل عدو لأميركا آفة من جنسه، بحيث يقاتل أوكرانيون أوكرانيين، وعرب يقاتلون عرباً، ومسلمون يقاتلون مسلمين، وارهابيون يقاتلون ارهابيين وهكذا!..  

بل ان دولة عظمى مثل روسيا بقيادة رئيس محنك مثل بوتين، فانها تحسب سلفاً آفاق وأبعاد وزمن مغامرتها العسكرية في سوريا، ولا تتخطاها ولا تتركها مفتوحة في الزمان والمكان، وتتحاشى الانزلاق على قشور الموز التي تنثرها أميركا على الطريق لتوريط روسيا في حرب مستدامة! واذا كانت الحروب ترعب دولاً عظمى مثل أميركا، فمن الطبيعي أن ترعب أيضاً أي حاكم في العالم في دول أقل ثراء وموارد وتجهيزاً ومساحات جغرافية وعمقاً بشرياً ونفوذاً، في المحيط والعالم. ومهما بلغ غضب ونزق الحروب المستشرية في المنطقة العربية والاسلامية، فإنها ستصل الى نقطة في وقت غير بعيد، لطلب المساعدة ولانزالها عن الشجرة التي صعدت اليها بحماستها الذاتية واندفاعها العصبي! والدول غير الكبرى المتورطة في حروب ستكتشف لاحقاً ما اكتشفته دول عظمى وكبرى من معاناة الحروب وآثارها المتفاعلة الى عقود قادمة… وخير ما يفعله اللبنانيون لأنفسهم ولوطنهم أن يقطعوا هذه المسافة القصيرة المتبقية أمامهم دون أن يتورطوا بنزوات الغضب والاقتتال!