فيما يستمر الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري في سعيه لانجاز المهمة، تقول مصادر مقربة من «بيت الوسط ان العقد الظاهرة بالنسبة الى موضوع الحكومة الجديدة تكمن في عدم وجود استعداد لان تكون في البلد معارضة جدية ومحترفة تعرف انها لا يجوز ان تكون من ضمن حكومة العهد الاولى، كما تعرف انها عندما تسعى الى توزير بعض اقطابها تكون كمن يضع العصي في الدواليب وهذا ما لا يمكن القبول به اقله كمن يضع العصي في الدواليب حيث من الضروري بمكان وجود حكومة بمستوى وجود معارضة تعرف كيف تراقب وكيف تحاسب.
هكذا توجه غير متوفر الى الان، ربما لان العمل الوزاري يبقى اسهل من عمل المعارضة عندما تكون غير جدية ولا تعرف حدودا منطقيا لعملها على هامش المراقبة والمحاسبة حيث يقال عن المعارضة في الدول الديموقراطية انها حكومة الظل اي ان لكل وزارة وزير ظل يتصرف وكأنه من ضمن الحكومة في حال عجز الوزير الاصيل عن القيام بما هو مطلوب منه، والعكس صحيح عندما يكون العمل الوزاري بلا شائبة ما يؤكد عدم وجود معنى للاعتراض عليه، ما يعني اننا في لبنان بحاجة ماسة الى معارضة محترمة، الا في حال لم يتوفر الوزير الرديف، ربما لانه غير مستعد لان يعمل من دون سلطة، وهذه السلطة تفرضها الرقابة المحاسبة المشددتين على عمل اي وزير بل اي رئيس حكومة؟!
عندما يقال عن السياسيين في لبنان انهم لا يتطلعون الى بدائل عن المشاركة في الحكومة يكونون في صلب المشكلة السياسية التي لا يمكن ان تستقيم بمعزل عن المحاسبة وهذا بدوره غير متوفر في مطلق حكومة لبنانية، الا في حال اعتبر بعض الوزراء انفسهم حكومة معارضة، كما حصل مع حكومة تصريف الاعمال حيث كان يغيب عن جلساتها اكثر من وزير اعتقادا منه ان الحكومة التي ينتمي اليها لا تعمل بشكل صحيح من غير ان يجد هؤلاء في انفسهم الشجاعة للاستقالة بعكس ما يكون عليه رئيس حكومتهم من غير حاجة الى وزراء ظل طالما ان «دود الخل الوزاري منه وفيه».
من هذا المنطلق بالذات يصر الرئيس سعد الحريري علي تأمين منظومة وزارية لا تعرف الشخصانية بقدر ما عليها ان تكون من ضمن سلسلة حكومية معترف بها ومعروفة بولائها الذاتي بمعزل عن اشكالات لا طاقة لاحد على احتمالها، عندما يقال مثلا ان هذا الوزير اقرب منه الى المعارضة من الحكومة التي ينتمي اليها، من ضمن مجموعة ادلة تتطلب كسر الجليد المطلبي لبعض من يبحث الرئيس الحريري في توزيرهم بمعزل عن مشاكلهم مع محيطهم ومع التيارات التي ينتمون اليها.
ثمة مفارقة في هذا المجال عندما يدعو المرشحون لهذه الوزارة الى اتهام بصدد وزارة سيادية وكون الوزارات الاخرى لا تعني شيئا في مفهوم الحكم السياسي – الديموقراطي بحسب ما هو حاصل الان بالنسبة الى عدد من الذين بصدد التوزير، تارة لانهم غير قادرين على المشاركة بالحكم وتارة اخرى ما هو مخصص لهم من ضمن مجموعة وزارات من الصعب ان يستفيدوا من مخصصاتها واموالها، وهذا محسوب بدوره من جانب بعض الاقطاب ممن يهمهم ان يكونوا من ضمن مجموعة وزارية قادرة على التحكم بماليتها اكثر من سواها.
هذا النوع من التوزير غير مستبعد نـظرا للحاجة اليهم، لكن ذلك لا يمكن ان يمر من دون ان يلحق اذى بالتفاهم داخل الحكومة العتيدة المطالبة بالكثير الكثير من الاداء السياسي والمطلبي في آن، خصوصا ان الرئيس الحريري سيقف عقبة امام هؤلاء، ليس لانهم يتطلعون الى عمل افرادي بل لان تصرفهم قد يضر بسمعة الحكومة وبكل ما من شأنه ان يعزز عوامل الحكم، في ظل عدم وجود معارضةتعرف كيف تراقب وكيف تحاسب، من ضمن سلسلة اعمال من الواجب ان تتكامل من ضمن برامج عمل واضحة المعالم؟!
من الان الى حين ظهور جسد حكومي قادر على مواجهة التطورات، فان المشكلة تكمن تلقائيا في عدم وجود معارضة جدية تعرف ما هو مطلوب من الحكومة بنسبة موقفها مما هي مطالبة به، لان الامور مرشحة لان تتغير بفعل الاحداث والتطورات التي ستفرض نفسها على الوضع العام في لبنان من غير حاجة الى مسببات طالما ان الامور كفيلة بحصول تغيير مستمر في المناخ السياسي العام؟!
فضلا عن كل ما تقدم فان الحكومة لن تستمر الى ما لا نهاية في حال لم تقم بالواجبات الملقاة على عاتقها من دون حاجة الى القول ان هذا الوزير او ذاك من ضمن عوامل اضعاف الحكومة، خصوصا ان التطورات لا تسمح باستمرار اية حكومة من دون محاسبة الا في حال لم تتوفر معارضة جدية وذكية تعرف كيف تحاسب وكيف تراقب طبعا من خارج الطاقم السياسي المشهود له بالغباء؟!