ما الذي جناه كل من العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع من «ورقة التفاهم»، وما هي آفاق ونتائج هذا التفاهم على أزمة الاستحقاق الرئاسي؟
تؤكد الاوساط المراقبة ان هذا التفاهم يعتبر خطوة مهمة في تاريخ العلاقة بين الخصمين اللدودين، ويمكن ان يكون منعطفا في تغيير مسارها من الصراع والتناحر الى التفاهم وربما التعاون.
ومما لا شك فيه ان المهمة التي تولاها النائب ابراهيم كنعان والقيادي «القواتي» ملحم رياشي كانت صعبة وشائكة في ملعبهم، لأن الطريق الى انتخاب الرئيس تمر من باب اتفاقهم بالدرجة الاولى. فهل يمكن ان تؤدي الورقة العونية – القواتية المشتركة الى توافق بينهما على هذا الاستحقاق، ثم الى توافق مماثل يشمل باقي الموارنة؟
قبل الاجابة على هذا السؤال لا بدّ من قراءة نتائج هذه الورقة بالنسبة للطرفين.
يؤكد مسؤولو التيار و«القوات» بأن تفاهمهما لا ينعكس ايجاباً عليهما فحسب بل يطاول بطبيعة الحال الساحتين المسيحية والوطنية، ويحرصان ايضا على القول بأن ثماره هي لفائدة كل منهما وليست لحساب واحد اكثر من الآخر.
لكن الاوساط المراقبة ترى ان العماد عون استطاع بهذه الورقة ان يختار الوقت المناسب لتأمين «حياد» وسكوت القوات عن المعركة التي خاضها ويخوضها للضغط من اجل تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش وتجنّب تجرّع كأس التمديد للعماد جان قهوجي مرة اخرى.
وبرأي الاوساط ان عون اراد ويريد اسقاط تهمة التفرّد بالموقف المسيحي، لا بل انتهج مؤخراً نهجاً اخر يظهره حريصاً على الشراكة داخل البيت المسيحي انسجاما مع مطلبه تحقيق الشراكة الوطنية.
ويرغب «الجنرال» في الانطلاق من مناخ ورقة التفاهم مع «القوات» الى توافق على صيغة عملية وتطبيقية لإيصال الممثل المسيحي القوي الى رئاسة الجمهورية، مقدرا ان كل الصيغ او الافكار التي يمكن ان تعتمد في هذا المجال ستؤدي حتما الى تزكية الرجل المسيحي الاول المؤهل للانتقال الى قصر بعبدا. من هنا كان اقتراحه باللجوء الى استفتاء او استطلاع رأي المسيحيين كممر الى انتخاب الرئيس في مجلس النواب.
وتقول الاوساط ان الدكتور جعجع فضّل عدم معارضة فكرة الاستطلاع لكي لا يظهر أنه ضعيف أو أنه يخشى من هذا المسار، مطمئناً في الوقت نفسه ان المعارضة ستأتي من الاطراف المسيحية الاخرى عدا عن باقي المكوّّنات اللبنانية.
وتقول مصادر التيار العوني ان الكلام عن عدم دستورية استطلاع رأي المسيحيين هو في غير محله لان الغاية من الاستطلاع ليس انتخاب الرئيس بل هي بلورة ومعرفة خيار المسيحيين الذي يلعب الدور الاساسي والحاسم في الانتخاب.
وترى ان مثل هذه الخطوة اي الاستطلاع تخدم فكرة ايصال مرشح مسيحي قوي الى الرئاسة وهي الفكرة التي يفترض ان تحظى بتأييد كل المسيحيين عدا عن انها تترجم تطبيق الشراكة الحقيقية التي اكدت عليها ورقة التفاهم مع «القوات اللبنانية».
غير ان الاستطلاع المطروح مسألة صعبة وشائكة وهو يحتاج للمرور بمراحل عديدة لكي يترجم ويؤدي غرضه.
ويبدو ان ردود افعال الاطراف المسيحية الاخرى باردة وغير مشجعة عدا عن ان الاتفاق على الآلية والجهة التي ستنظمه يحتاج الى مزيد من الجهد والوقت.
وبرأي الاوساط المراقبة انه اذا كانت الغاية تغليب او تعزيز فرصة الفائز بالاستطلاع لانتخابه رئىسا او حصر الانتخابات بين المرشحين القويين، فان مثل هذه الفكرة غير قابلة للتطبيق لان النائب وليد جنبلاط سيبقى مصرا على ترشيح النائب هنري حلو، وبالتالي ستستمر الامور على حالها ولن يتمكن احد من المرشحين من الفوز بالاغلبية المطلقة اي بـ 65 صوتا.
وبالنسبة لجعجع فإن ورقة التفاهم كرّسته «شريكا مضاربا» للجنرال على الساحة المسيحية. من جهة وجعلته ايضا شريكا بالتساوي معه في الدفاع عن حقوق المسيحيين من جهة اخرى.
وبرأي الاوساط المراقبة ان الورقة اكدت حضور جعجع كمرشح ثان للرئاسة وبالتالي خلقت جوا من الانزعاج عند حلفاء الجنرال لا سيما النائب سليمان فرنجية الذي لم يوضع اصلا في اجواء التواصل بين الطرفين قبل وخلال العملية.