Site icon IMLebanon

ماذا يبقى للعرب.. إذا اختلفت القاهرة والرياض؟

مِن علامات الشؤم في هذا الزمن العربي الرديء، هذا التباعد الحاصل في موقفي عاصمتيّ القرار العربي: القاهرة والرياض.

فيما مرحلة التصدّعات والانهيارات التي تجتاح أكثر من بلد عربي، تتطلب تقارباً، بل وتطابقاً في الرؤية وفي المواقف والمعالجات بين القاهرة والرياض، لتكوين نواة عربية صلبة، بمواجهة مخططات الفتن المذهبية، والحروب الخبيثة، وما تحمله من نوايا إيرانية مبيّتة ضد النظام العربي برمته.. في هذه المرحلة بالذات، تبرز من وقت لآخر، التباينات في تفاصيل المعالجات المطلوبة للأزمات المطروحة، رغم أن خلفية المواقف، ومنطلقات التعاطي مع التطورات الساخنة في الإقليم، بقيت في معظم الأوقات متقاربة، وتصبّ في تقييم متطابق للأخطار المحدقة بالبلدان العربية.

القمم السعودية – المصرية المتعاقبة، واللقاءات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين الشقيقين، كانت توحي دائماً بالحرص على الانسجام والتعاون بين البلدين الشقيقين في التصدّي لتحدّيات هذه المرحلة الصعبة، التي تهدد الأمن والاستقرار في مصر والسعودية، كما العديد من الدول العربية الأخرى.

أجواء التفاؤل التي أطلقتها الزيارة التاريخية للملك سلمان بن عبد العزيز للقاهرة، وما أسفرت عنه من اتفاقيات استراتيجية مهمة بين أكبر دولتين عربيتين، سرعان ما أصيبت بنكسة غير متوقعة، اثر التصويت المصري إلى جانب المشروع الروسي في مجلس الأمن الدولي، والذي عارضته السعودية، انسجاماً مع توجهاتها السياسية في الأزمة السورية.

ربّ قائل أن لا خوف على العلاقات التاريخية العميقة بين مصر والسعودية، هذا صحيح، ولكن المفارقة أن ثمّة أطرافاً أخرى، إيران ومحورها في المقدمة، دخلت على خط التباينات بين القاهرة والرياض، وراحت تعمل على توسيع الهوّة بين المواقف المصرية والسعودية، من خلال حملات إعلامية مدروسة، من نوع إرسال طيارين وقوات مصرية إلى سوريا لمساعدة النظام السوري ضد المعارضة.

وجاء النفي المصري السريع ليضع حداً لمثل هذه الإشاعات الخبيثة، والذي يُؤكّد على التزام القيادة المصرية بعدم إرسال قوات عسكرية مقاتلة إلى خارج مصر، لاعتبارات مبدئية واستراتيجية لا مجال للخوض في تفاصيلها الآن، ولو كان مثل هذا الأمر وارداً، لكانت الأولوية لإرسال قوات مصرية لنصرة الشرعية في اليمن بالتعاون مع التحالف العربي الذي تقوده المملكة السعودية.

غير أن هذه الاعتبارات عينها، لم تحل دون إرسال قطع بحرية مصرية إلى الشواطئ اليمنية، لمنع وصول شحنات الأسلحة الإيرانية للحوثيين، وذلك بالتنسيق والتفاهم مع قيادة التحالف العربي.

* * *

الواقع أن العلاقات التاريخية المتينة بين السعودية ومصر ليست مسؤولية البلدين الكبيرين فقط ، ولا تعني الشعبين الشقيقين وحسب، بقدر ما هي مسألة مستقبل ومصير بالنسبة للأمة العربية، التي تتعرّض دولها لأشرس حملة شرذمة وتفتيت في التاريخ الحديث.

ولا نبالغ إذا قلنا أن لا أمل بخطة إنقاذ عربية عاجلة، إذا لم تكن القاهرة والرياض نواتها الصلبة، لاستعادة المبادرة العربية والعودة إلى سياسة التضامن العربي، وتغليب لغة العقل والحوار والتبصّر، على كل ما عداها من سياسات العناد والعنف والتطرّف.

ماذا يبقى للعرب إذا اختلفت القاهرة والرياض؟