يجب أن يكون المرء في مصر هذه الأيام حتى يتلمس عن قرب هذه الفرحة العظيمة التي تعيشها «أرض الكنانة»، التي تحوّل ليلها الى نهار تسطع فيه أنوار الألعاب النارية تعبيراً عن بهجة افتقدها هذا الشعب المصري الطيب منذ عقود طويلة.
إنها إحدى ايجابيات هذه الزيارة التاريخية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الى الرئيس عبدالفتاح السيسي، ترجمة لرغبة مشتركة في أنه لم يعد يفيد العرب إلاّ اتكالهم على أنفسهم، وأخذ أمورهم بأيديهم بعدما أدى التخاذل (ولا نقول التواطؤ) الاميركي الى إلحاق الضرر الأكبر بالعالم العربي قاطبة، فإذا العرب في حال يأس من واشنطن وتصرفاتها.
من هنا يفهم قرار إقامة الجسر بين شرم الشيخ في مصر وينبع في المملكة بمثابة انتفاضة على السياسة الاميركية، وتحدياً لها ولإسرائيل اللتين تعارضان في المطلق كل تقارب عربي وكل قوة عربية، وكل تقدم عربي، علماً أنه يتوقع تنفيذ هذا الجسر الاستراتيجي المهم في أسرع وقت ممكن، كون شركة «المقاولون العرب» (عثمان أحمد عثمان) هي ذات سمعة عالمية عالية في بناء الجسور والمشاريع بالغة الضخامة.
لقد أدرك العرب أنّ التواطؤ الاميركي – الاسرائيلي قضى على العراق لمصلحة إيران وإسرائيل، كما قضى على سوريا أيضاً للمصلحة المشتركة ذاتها، وكاد أن يقضي على مصر عندما سلمها الأميركيون الى الاخوان المسلمين، وكاد أن يتحقق ذلك لولا الجيش المصري الباسل والشعب المصري العظيم اللذان رفضا الأمر الواقع الاميركي، وأطاحا الاخوان ورئيسهم مرسي، فوصل الى الرئاسة عبدالفتاح السيسي المنبثق من إرادة الناس.
والآن يعمل هذا التواطؤ على إسقاط اليمن، ومن غير المعقول أن يتقدم الحوثيون كما تقدموا في بداية الحدث اليمني لولا الموافقة الاميركية غير المعلنة، والمشفوعة بدعم إيراني بالسلاح والمال والخبراء.
وأخيراً نود أن نشير الى أنه من الحسنات العميمة لزيارة خادم الحرمين الشريفين أنها بيّنت بوضوح أنّ جلالة الملك سلمان في صحة جيدة والحمدلله، وأنه صاحب القرارات التاريخية التي قلما أقدم على مثلها ملوك وقادة وزعماء دول كبار.