تشكّل الإنتخابات الفرعيّة في جزين على المقعد الماروني الذي شغر بوفاة النائب ميشال حلو مناسبةً واختباراً للأحزاب والقوى المسيحيّة في حال ذهبت الأمور الى معركة، مع أنّ كلّ المؤشرات تدلّ حتّى الساعة أن لا إنتخابات حقيقية بعدما أعلن «التيار الوطني الحرّ» ترشيح أمل أبو زيد.
تنتظر عروسُ الشلال التي تمثّل المنطقة المسيحية الأكبر في الجنوب صدى المصالحة القواتية- العونية، وإذا كان إستحقاف المقعد النيابي سيمرّ بسلام بسبب عدم رغبة أيّ طرف خوضَ إنتخابات في غير محلّها، إلّا أنّ للإنتخابات البلدية التي تتداخل فيها العوامل السياسيّة والعائليّة حساباتٍ أخرى، وتشكّل مناسبة لإظهار القوى المحلّية التي تغرّد خارج سرب الأحزاب نفسها على الساحة، وتحجز أماكن متقدّمة في الإحتفالات بالمناسبات الجزينيّة.
في السابق، وقبل إعلان «إتفاق معراب»، كان هناك إتجاهٌ لدى «القوات اللبنانية» بترك مقعد النائب حلو لـ«التيار» وعدم خوض معركة، لأنّ هذا المقعد من حصّته حسب الأخلاقيات السياسة الللبنانية، كذلك، فإنّ الدخول حالياً في مثل هكذا معركة لن يؤدي الى نتيجة. أما بعد إعلان المصالحة وترشيح أبو زيد بات الإتجاهُ القواتي دعم أبو زيد حتّى ولو لم يُعلن هذا الموقف رسميّاً.
لكنّ الحلف المسيحي الجديد الذي سلك طريقه في كلّ الأقضية، يواجه في جزّين مُعضلة النائب زياد أسود، إذ إنّ هناك قراراً حزبيّاً من «القوات اللبنانية» بعدم التعاطي معه بسبب مواقفه السابقة وبياناته التجريحية التي تخطّت كلّ الحدود في حقّ «القوات»، ووضعه ورقة بإسم الوزير طوني فرنجية في مواجهة الدكتور سمير جعجع في الجلسة الأولى لإنتخابات الرئاسة، ما دفع «القوات» في المنطقة الى التنسيق مع قيادة «التيار الوطني الحرّ» إضافة الى رئيس إتحاد بلديات جزين خليل حرفوش.
وحسب أوساط جزّينية فإنّ هذا الأمر وتراكماتٍ سابقة خلقا إشكالات بين حرفوش وأسود، حيث يتهم الأخير في مجالسه الخاصّة، حرفوش، بأنه نال دعمه ليكون رئيساً لإتحاد البلديات من ثمّ إنقلب عليه ويسعى لأخذ مقعده النيابي.
وبما أنّ التحالف البلدي قد ينسحب تحالفاً نيابياً، فقد باتت الأوساط الجزّينية تتداول بالآتي: هناك إتجاه في البلدية لإقتسام ولاية رئاسة بلدية جزين بين «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحرّ»، أي 3 سنوات لكلّ فريق، أو أن يأخذ أحدُ الفريقين رئاسة الإتحاد مقابل نيل الفريق الثاني رئاسة بلدية جزين، خصوصاً أنّ لـ«القوات» في بلدات جزين ثقلاً شعبيّاً، مع العلم أنّ «التيار» ما زال محافظاً على شعبيته المسيحية، وهذا الأمر لا ينكره أحد.
أما بالنسبة الى الإنتخابات النيابية، وفي حال وصلت الأمور الى التحالف بين «القوات» و«التيار» في الـ2017 إذا ما تمّت، فإنّ الطرفين إتفقا على أن تنال «القوات» مقعداً، على أن يحتفظ «التيار» بمقعدين، وترغب «القوات» بأن تحصد المقعد الكاثوليكي نظراً لتمسكها بالمرشّح الكاثوليكي عجاج حداد، لكنها في المقابل تؤكد أنه لن يكون هناك أيّ إشكال في توزيع المقاعد على المذاهب المسيحية، لأنّ الأولوية هي للتفاهم السياسي العريض، خصوصاً أنّ هذا التفاهم يسلك طريقه التنفيذي بين القواعد الشعبية، ففي حين راهن كثرٌ على عدم إنعكاس مصالحة معراب على جزين، جرى منذ أيام عشاءٌ مشترك بين الطرفين تمّ التاكيد فيه على التحالف، وطيّ صفحة الخلافات القديمة.
كلّ الإحتمالات مفتوحة على مصراعيها في جزين، مع الإشارة الى وجود محاولات حثيثة للتوافق على إنتخابات المدينة بين «القوات» و»التيار» والنائب السابق سمير عازار والعائلات، لكن ليس هناك أيّ شيء حتى الساعة، لأنّ التباعد بين «التيار» وعازار كبيرٌ جدّاً حيث لا يقبل «التيار» إعطاءَ رئاسة البلدية لمقرّب من عازار، مع العلم أنّ «التيار» ربح المعركة النيابية والبلديّة عامَي 2009 و2010، فيما التقارب بين «القوات» وعازار لم يتقدّم. وأتت مصالحة معراب لتثبت واقعاً جديداً على الأرض لا يمكن لأحد من المكوّنات الجزّينية والوطنية تخطيه.