تحرك الوضع المحلي ايجابا على الصعيد الامني نحو تثبيت الاستقرار، حيث واصل الجيش عمليات الدهم والتمشيط في الشمال ومطاردة الخلايا النائمة والهاربة شمالا وجنوبا مرورا ببيروت، لضمان هدوء الوضع الأمني واقفال الطريق امام اي تحرك ارهابي، بعد ضربه مشروع «الدويلة الداعشية»، واجهاضه اي مشروع تخريبي في صيدا.
لكن انتهاء معركة طرابلس لا يعني باي شكل من الاشكال انتهاء الحرب على الارهاب والارهابيين تقول مصادر متابعة للملف الامني، الذين استبقهم الجيش هذه المرة بخطوة، فباغتهم في طرابلس والمنية ما دفع بالخلايا النائمة الى كشف نفسها من بحنين الى صيدا مانعا اياها من استنزافه واستدراجه وتشتيت قواه.
فبينما كان الجيش «ينظف» أسواق طرابلس وبساتين عكار من بقايا المجموعات الارهابيّة، كانت مخابراته في صيدا تحقق إنجازا أمنيّاً نوعيّاً أجهض مخططاً خطيراً لشنّ هجومَين إرهابيَّين، لخلايا الشيخ احمد الاسير النائمة بانتظار الفرصة المناسبة لتستيقظ من جديد بهدف تعكير الأمن واستهداف الجيش مرّة أخرى، بعد اكتفائه طوال الفترة الماضية من حين الى آخر بتسريب تسجيلات صوتيّة أو تغريدات تويتريّة.
فرغم الجهد الكبير الذي قامت به مخابرات الجيش طوال المرحلة الماضية في سياق اجتثاثها لمجموعات الشيخ احمد الاسير، عادت خلايا موالية له تحت ستار منظمات ارهابية جديدة الى التحرك تضيف المصادر بعد ان توارى عناصرها عن النظر منذ احداث عبرا، مستفيدة من الاوضاع التي شهدتها مناطق شمالية، حيث اكدت المصادر على ان المتابعة الامنية الحثيثة بمواكبة من اجهزة استخبارات غربية وعربية قادت خلال الساعات الماضية بعد كشف احد الخيوط «بالصدفة» الى وضع اليد على مخطط خطير لضرب الساحتين اللبنانية والفلسطينية وسيطرة القوى المتطرفة على مخيم عين الحلوة.
وقد بينت التحقيقات مع عدد من الموقوفين ، فضلا عن المضبوطات من اسلحة وذخائر، ان الخلايا الارهابية الصيداوية تمكنت من اعادة تكوين وتجميع نفسها وتأمين خطوط امداد لوجستي لها، وتحديد بنك اهداف رسمي وديني .غير ان اللافت والمفاجىء، تقول المصادر، تحديد احد الموقوفين مكان تواجد الشيخ احمد الاسير داخل مخيم عين الحلوة بدقة، كاشفا عن التنسيق القائم بين الاسير وكتائب عبد الله عزام.
وفي هذا الاطار ربطت المصادر بين احمد الاسير وخالد حبلص، الذي حاول مرارا التحرك عسكريا خلال معركة عبرا التي اختفى من بعدها قبل ان يعود الى الظهور من جديد، مرجحة وجود تواصل بين الشخصين، الامر الذي تركز التحقيقات الحالية عليه، خاصة ان الاخير وطد علاقته في الفترة الاخيرة بمجموعة مشايخ سلفيين خليجيين وبجمعية قطرية قدمت له دعما ماليا شمل بناء مسجد وتقديم مساعدات عينية، مع الاشارة الى علاقة مريبة جمعته بالشيخ سالم الرافعي، الذي تحدثت المعلومات عن وجود تسجيلات صوتية بينه وبين شادي المولوي خلال وبعيد اشتباكات طرابلس، وعن انه غادر منزله من بعدها الى جهة مجهولة يرجح انها خارج الاراضي اللبنانية.
صورة عززها تقرير امني عن تسلل مجموعات اصولية عبر بلدة عرسال على حد قول المصادر، عشية اندلاع الاحداث فيها، بمساعدة مسؤول فلسطيني وحزبيين لبنانيين، ضمت شيشانيين وسوريين وتونسيين ومصريين، انضمت الى كتائب عبد الله عزام وتمركزت في حي الطوارئ، هدفها التحضير لعمليات ارهابية تستهدف مواقع امنية وعسكرية ومقاراً دينية تمتد على طول المساحة الجغرافية اللبنانية، بالتنسيق مع تنظيمي جند الشام وفتح الاسلام.يذكر ان بعض سكان المنطقة اشاروا في اكثر من مرة الى انتشار مسلحين ملثمين يرفضون الكلام او الاجابة على اي سؤال.
مصادر مطلعة على الاوضاع جنوبا ابدت اعتقادها بعدم وجود رابط مباشر لجهة التوقيت مع ما حصل في الشمال، رغم ان ما تشهده صيدا هو محاولة لتعميم النموذج الشمالي السابق على الساحة الجنوبية مع الفارق الكبير بين واقع المنطقتين لجهة التحديات والمعطيات، في ظل النشاط المستجد للخلايا الاسلامية على وقع التطورات الجارية وما تفرزه من وقائع جديدة لبنانيا، ذلك ان مدينة صيدا ومحيطها لا يتحملان هكذا ظواهر لاسباب موضوعية اهمها: انها على تماس مع المسيحيين في داخلها وفي قرى شرق صيدا وصولا الى جزين، ارتباطها بعمق شيعي حيوي، تشكيلها ممرا اجباريا لقوافل «اليونيفيل» التي تعبرها يوميا ذهابا وايابا مما يوجب احاطتها ببيئة سليمة وآمنة، وكونها بوابة حزب الله الى الجنوب. المصادر التي ابدت تخوفها من إمكان وقوع مواجهات في مخيم عين الحلوة بين الجيش اللبناني وجهات أصوليّة فاعلة ،مع بلوغ الوضع ذروته مع تضافر العوامل المحليّة والاقليميّة والمذهبيّة التي تنتج يوميّاً المزيد من الفتاوى لبعض المجموعات الارهابيّة، اشارت الى انه لم يعد من الجائز التغاضي عن واقع تغلغل الحركات المتطرّفة داخل المخيّم، واضعة في هذا الاطار الانتشار العسكري المكثف حول المخيم وفي التلال المشرفة عليه.
في الميدان أثبت الجيش اللبناني ان سيفه قادر على الحسم، فيما يبقى الحذر واجبا من مصالح آنية ولفلفات سياسية قد تتسلل على حساب التضحيات، مع اندفاع البعض للترويج بأنّ المعلومات عن مكان تواجد شادي المولوي وأسامة منصور باتت تندرج بسياق السرية للغاية، فهل اضيف الشيخ حبلص الى اللائحة؟