ليس من المفهوم على وجه الدقة ما هي الدوافع التي حملت الزعيم الشمالي سليمان فرنجيه على زيارة دمشق، والاجتماع مع الرئيس الدكتور بشار الأسد، في هذا الظرف بالذات، وبخاصة بعد وقت قصير من مبادرة الرئيس سعد الحريري بترشيح فرنجيه للرئاسة. وأبعد من هذه الدوافع هو التساؤل عن مقدار الذكاء السياسي وراء اتخاذ هذه الخطوة… فاذا كانت الزيارة شخصية، وتعبر عن الشوق الى اللقاء بين صديقين قديمين، لتمت بعيداً عن الأضواء والاعلام كما كان يحدث في السابق. اما وقد تمت الزيارة في العلن وأعلن النائب فرنجيه أنه عاد مرتاحاً من هناك، فذلك يعني أنها زيارة سياسية، وتستوجب التساؤل عن الفائدة – والضرر – منها عليه كمرشح رئاسي، وعلى الجهة التي رشحته، وعن لبنان بصفة عامة…
***
اذا كان قصد النائب فرنجيه التأكيد على انه وفي لصداقاته ولا يتخلى عنها بأي ثمن، فهذا يندرج في هذه الحالة في باب لزوم ما لا يلزم، اذ أن أحداً لا يشكك بوفائه للصداقات الطارئة أو الموروثة، وهو على كل حال شأن شخصي يتعلق به بالذات ولا يعني أحداً سواه. اما من الناحية السياسية، فان زيارة دمشق اليوم فهي ليست كزيارة دمشق في السابق يوم كانت قادرة على تقديم الدعم، وهي اليوم تحتاج الى أي دعم يأتي اليها من الخارج أو من الجوار القريب أو البعيد… بمعنى أن زيارة دمشق لا تقدم ولا تؤخر في ظل الاوضاع الاقليمية الراهنة، بل انها قد تؤخر في ظل الظرف اللبناني الحالي.
***
ترشيح الرئيس الحريري للنائب فرنجيه للرئاسة، ألقى حجراً كبيراً في بحيرة الوضع اللبناني الداخلي الذي كان بدأ يتخثر من الجمود والتعفن، وأحدث فيه تموجات ما لبثت ان تلاشت أو كادت. وما بقي لدى المعنيين بالأمر هو التخوف من ان تقود آثاره الى انفراط عقدي ١٤ و٨ آذار معاً، أو كل على حدة. ولو حدث هذا وتحول الى حقيقة، فان ذلك لن يغير شيئاً في لبنان، لأن تكتلات جديدة ستقوم وستقود الى انقسامات جديدة! والخوف الحقيقي ليس على انفراط التكتلات، بل على انفراط لبنان في ظل العقليات الراهنة!