التطوّرات الحربجيّة من حولنا أكثر من أن تُحصى، ومن شأنها أن تشغل بال اللبنانيّين وتقلقهم، فوق ما لديهم من الهموم التي تبدأ بجرود رأس بعلبك وتنتهي بمرفأ بيروت والنفايات واكتشاف مخزون الفساد والغش في شتّى الحقول والميادين.
فضلاً عن أفلام الأكشن في كازينو لبنان، والحوض الرابع، وعشرات ملايين الأمتار المربعة من أملاك الدولة التي شملها الشفّاطون برعايتهم… فنقلوها إلى عنايتهم وأدرجوها في قائمة ممتلكاتهم، وغير ذلك مما لا تتّسع لها المجالات.
لكننا نبقى مع الاستحقاق الرئاسي، أو ما صار يُعرف بـ”الفراغ الرئاسي”، على رغم بعض المؤشّرات التي ترجّح تأخير “الموعد الحاسم” شهرين على الأقلّ. ولأسباب خارجة عن إرادة أهل الدار… وداخلة تحت إرادة أهل القرار.
قبل أن تصل الطائرة التي تنقله، وقبل أن يغادر المطار في اتجاه العاصمة بيروت، كان المنخرطون في الورشة السياسيّة المتشعّبة يبشّرون بأن الموفد الفرنسي جان – فرنسوا جيرو لا يحمل جديداً في زيارته الجديدة، إنما جاء ليبرهن للناس هنا، ولكل مسؤول وفتى باسمه، أن الأم الحنون ما زالت تحنُّ وتحنو على هذا اللبنان الذي يقترع أقطابه مع قيادته على ثيابه يوميّاً.
مسيو جيرو كان عند حسن الظنّ. زار رئيسي المجلس والحكومة نبيه برّي وتمّام سلام، ثم الرئيس السابق ميشال سليمان. ومن الطبيعي أن يدلي بتصريح هنا يدعو فيه اللبنانيّين “ليكونوا حاضرين للإفادة من أي لحظة تفاهم إقليميّة أو دوليّة”، وليشجّع من هناك على اتخاذ القرار الجريء بانتخاب رئيس للجمهورية، “ما دامت الأمور مجمّدة خارجيّاً، ولا حلّ إلا بلبننة الاستحقاق”.
وفي رأي جيرو أن مناخ أصدقاء لبنان الدوليّين مؤاتٍ، وعلى المسؤولين الاضطلاع بدورهم وتحمّل مسؤولياتهم.
باريس تعلم، والرئيس فرنسوا هولاند يعلم، واتحاد الدول الأوروبيّة يعلم، والرئيس الأميركي باراك أوباما يعلم، وسكان القرى النائية في لبنان يعلمون أن المفتاح السحري ليس في جيب نبيه برّي، أو تمّام سلام، أو سعد الحريري، أو وليد جنبلاط الذي يحضّ بدوره اللبنانيّين على الإقدام، إنما هو بجزء منه في جيب طهران، فيما جزء آخر في جيب السعوديّة، إلى جزيئات غير مهمّة في هذه العاصمة، أو مع ذاك الحزب.
في الموضوع ذاته يتساءل جنبلاط “أين الرئاسة اليوم؟ المؤسف أن اللبناني لم يعد يشعر بالشغور والفراغ من جراء الخلافات الداخليّة بين الأقطاب المسيحيين”.
وفي رأي رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي ان قضيّة الرئاسة تُحلّ هنا في لبنان، “لا في السعوديّة ولا في إيران”.
إذاً، إلامَ كل هذا التأخير ما دامت المسألة أهليّة بمحليّة؟
هل من جواب في عين التينة؟