Site icon IMLebanon

ماذا بعد؟

 

يعتبر رئيس الجمهورية أن المبادرة التي أطلقها مطلع هذا الأسبوع لحل أزمة تشكيل الحكومة التي ما زالت منذ أكثر من مائتي يوم عالقة بين الشروط والشروط المضادة، بمثابة «آخر خرطوشة» لإنقاذ الدولة من الانهيار المحتم، وأكثر من ذلك يعترف بأن البديل هو الكارثة ويعني بالكارثة سقوط الهيكل على رؤوس الجميع.

وبناء على هذا الاعتراف من رأس الدولة بخطورة ما آلت إليه البلاد بسبب استمرار التعثر في تشكيل الحكومة، يتابع عن كثب مشاوراته مع المعنيين من رؤساء أحزاب وكتل نيابية للوصول إلى حل سريع لأزمة التشكيل قبل فوات الأون والبكاء على الأطلال.

هذه الصرخة التي أطلقها رئيس الجمهورية في وجه الجميع، ما كانت لتحصل لو لم تصل البلاد إلى حالة الانهيار التام اقتصادياً ومعيشياً ومالياً ولا يعود تنفع بعدها لا المبادرات ولا حتى التسويات التي اعتاد الزعماء على اجتراحها قبل الوقوع في قعر الهاوية، وقد بدأ رئيس البلاد حركة اتصالات واسعة مع كل الأطراف المعنية مباشرة باستمرار هذه الأزمة، استهلها برئيس مجلس النواب، وبالرئيس المكلف وبالفريق الأقوى على الساحة الداخلية حزب الله الثلاثة الذين يملكون قراري الموافقة والرفض، يبدون شيئاً من الليونة والمرونة بما يسهل عملية تأليف الحكومة، ويوفر على البلاد تداعيات استمرار الفراغ في إحدى السلطات الثلاث التي يرتكز عليها نظام الحكم، والسؤال الذي يبرز الى الواجهة في خضم هذه المأساة التي أسَّر إليها رئيس الجمهورية بعدما طرح مبادرته على المعنيين هل وصل الرئيس إلى قناعة بأن لبنان لا يدار بذهنية الرئيس القوي، وإنما بذهنية الرئيس الذي يمثل كل لبنان وكل اللبنانيين، ويدير الحكم بميزان الذهب وليس بقوة التمثيل الفئوي التي يعتقد بأن لولاها لما وصل إلى الحكم.

لقد حاول الرئيس عون، منذ ان وصل إلى رئاسة الجمهورية، ان يمارس السلطة من موقع الرئيس القوي، وليس من أي موقع آخر كما كان حال الرؤساء السابقين، وطبق هذا الأمر في المعركة التي خاضها وما زال يخوضها الرئيس المكلف لتشكيل حكومة وحدة وطنية متوازنة وذلك بفرض الشروط المسكوبية عليه، بدءاً من حصة الرئيس وانتهاء بخيارات الرئيس المكلف بشكل الحكومة ومكوناتها، ولكن التجربة الطويلة التي مرّت بها البلاد أثبتت ان الرئيس القوي هو الذي يكون حكماً وليس  فريقاً سياسياً أو حزبياً، وأن الرئيس القوي هو الذي يكون رئيساً لكل اللبنانيين يحرص على مصالح الجميع بالسواسية وليس رئيساً لفريق منهم يورط نفسه في مشاكل مع الآخرين لتأمين مصالح فريقه.. إلى ان وصل هذا الرئيس القوي اليوم وبعد تجربة تشكيل الحكومة الفاشلة إلى هذا الوضع من اليأس حتى لا نقول من الإفلاس واقتنع بضرورة العودة إلى قواعد اللعبة الداخلية المعروفة وهي دور التوفيق لا دور التفريق. والمؤمل ان ينجح هذه المرة في تخطي الصعوبات التي ما زالت تعترض سبيل تشكيل حكومة وحدة وطنية متوازنة بمعنى ان لا يكون فيها غلبة لفريق على آخر كما كان الاتجاه السائد عند الرئيس القوي، والانتقال من خطر الانهيار إلى أجواء الانفراج الواسع واستعادة الأمل بتحقيق ما يتمناه هذا العهد للوطن وللشعب.