Site icon IMLebanon

ما يطلبه تيلرسون وما تفرضه ايران

 

لا شيء يوحي، حتى اشعار آخر، ان ادارة الرئيس دونالد ترامب أكملت استراتيجية كبح النفوذ الايراني بخطط تنفيذية. وليس أمرا قليل الدلالات ان يطالبها رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ السناتور جون ماكين بصنع شيء آخر غير الخطاب المبسّط. فوزير الخارجية ريكس تيلرسون العاجز عن تسوية أزمة بين حلفاء أميركا في الخليج يدعو الى عودة الفصائل الايرانية في العراق الى ديارها، وعودة المقاتلين الأجانب الى ديارهم، وعودة قوات الحشد الشعبي الى منازلها أو دمجها في قوات الأمن. والحجة التي يستخدمها هي اقتراب الحرب على داعش من نهايتها.

وهذا أبسط النماذج في الخطاب المبسّط للادارة التي يخطط لها ثلاثة جنرالات، وتنسف الخطط تغريدات ترامب عبر تويتر. فالنفوذ الايراني في العراق دخل من باب الغزو الأميركي، وتعاظم بعد انسحاب القوات الأميركية وسيطرة داعش على ثلث مساحة العراق ونصف مساحة سوريا واعلانه دولة الخلافة، وتعايش مع عودة القوات الأميركية لتدريب الجيش العراقي والحرب على داعش. وقوات الحشد الشعبي الخاضعة رسميا للقائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي، وعمليا للجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري كانت موجودة ومدربة ومسلحة قبل فتوى الجهاد الكفائي ضد داعش والتي أصدرها آية الله علي السيستاني. ومهمتها ليست محصورة فقط بقتال داعش. كذلك الأمر بالنسبة الى مهمات الحرس الثوري.

 

ومن الوهم تصور طهران تلبّي طلب تيلرسون، فتسحب الحرس الثوري، وتشير على بغداد بحل الحشد الشعبي، وتأمر الجنرال سليماني بالامتثال لقرار دولي يمنعه من السفر الى خارج ايران، وهو المتنقل بين العراق وسوريا وروسيا. فهي، باعتراف المرشد الأعلى علي خامنئي، صاحبة مشروع شرق أوسط اسلامي بقيادة الولي الفقيه يمتد، أقلّه، من طهران الى بيروت مرورا ببغداد ودمشق، ويتوسع في اليمن. وهي عملت على مواجهة مشروع شرق أوسط أميركي كان يتقدم في المنطقة، وصار مهزوما في نظرها، لكنه عاد الى الهجوم عبر خطاب ترامب.

وبكلام آخر، فان استراتيجية كبح النفوذ الايراني تدفع طهران الى فعل كل شيء لكبح النفوذ الأميركي، والحفاظ على ما حققته حتى الآن من أرباح في العراق وسوريا ولبنان على أمل تكبير الأرباح. والسؤال هو: هل تخلّت أميركا فعلا عن سياسة القيادة من الخلف أم انها تتبرّع بخطاب قوي وتترك لحلفائها في المنطقة مهمة المواجهة مع ايران وكبح نفوذها؟

مجلس التنسيق السعودي – الايراني خطوة مهمة في باب الانفتاح العربي على العراق. لكن المسألة أبعد من قدرة أو رغبة العبادي في اعادة العراق الى الحضن العربي.