Site icon IMLebanon

ما أشبه اليوم بالأمس.. وما أخطره!

انتهى الاستحقاق البلدي إلى ما انتهى إليه في بيروت من فوز صريح لا لُبس فيه إنما مجرد التباس مفتعل من قبل «الماكينة» إياها نفسها.. تلك العاملة أزلاً وأبداً لتحقيق هدف واحد: اغتيال الحريرية السياسية. 

الماكينة هي هي، والتاريخ يكاد يعيد نفسه بين الحملات الإعلامية والسياسية الممنهجة التي يتعرض لها سعد الحريري اليوم انتخابياً، وتلك المشابهة إلى حد التطابق التي كان يتعرض لها رفيق الحريري منذ تقطيع أوصال بيروت لتحجيمه انتخابياً عام 2000 إلى تقسيم دوائرها للهدف عينه عام 2005، فما كان منه إلا أن اكتسحها بشعبيته الساحقة في الـ2000 وما كان منهم إلا أن اغتالوه جسدياً بعد تعذر اغتياله انتخابياً ومعنوياً خشية تكرار انتصار الـ2000 في الـ2005، وقد بدت خشيتهم جلية في تقارير المخبرين المخابراتيين التي بيّنت بالدليل القانوني القاطع بعد اغتياله كيف كانت تُطالب بضرورة «التخلّص» من رفيق الحريري قبل أوان الانتخابات النيابية.

خطير ما نشهده اليوم من استنساخ مريب بين حملات التحامل على الحريري في الاستحقاق البلدي عام 2004 وحملات التحامل على الحريري في الاستحقاق البلدي عام 2016. قبل اثني عشر عاماً من اليوم ضخّ خصوم رفيق الحريري جرعات السموم القاتلة معنوياً نفسها في انتخابات المجلس البلدي للعاصمة من خلال حملات ممنهجة ومبرمجة حاولت إبراز تراجع موقعه الشعبي في العاصمة بالتركيز على نسبة الإقبال البيروتي على الاقتراع وسعت تالياً إلى تشويه انتصاره الصريح حينها وتحويره من نصر بيّن إلى خسارة مدعاة تماماً كما هو حاصل اليوم مع سعد الحريري.

ما أشبه الأمس باليوم، وما أشبه ما تعرضت له «لائحة وحدة بيروت» عام 2004 بما تتعرض له «لائحة البيارتة» عام 2016، حاولوا التنكيل والتبخيس بنصر الأولى من خلال تصوير الناخب غير المقترع من البيارتة على أنه خصم لرفيق الحريري وتحدثوا حينها عن نسبة 75% من غير المقترعين باعتبارها شرائح بيروتية مناهضة له، واليوم يعيدون التنكيل نفسه والتبخيس نفسه بنصر الثانية مستعيدين الأدوات التشويهية عينها لتصوير الناخبين البيارتة غير المقترعين على أنهم خصوم لسعد الحريري ويتحدثون عن نسبة 80% باعتبارها شريحة بيروتية مناهضة له عبّرت عن مناهضتها بعدم اقتراعها للائحته!.. وهم يعلمون علم اليقين الأمس واليوم أنّ نسبة الإقبال لطالما كانت تاريخياً متدنية في العاصمة نظراً لعوامل عدة متداخلة ومتصلة أساساً بطبيعة أهلها غير المتعصبين عائلياً وحزبياً ومذهبياً بخلاف العصب المشدود عائلياً وطائفياً ومذهبياً وحزبياً في القرى ومدن الأطراف.

ما أشبه اليوم بالأمس، في الـ2004 تشطيب نسبي من قبل بعض القوى المتآلفة ضمن «لائحة وحدة بيروت» وتحالفات سرية وتجيير للأصوات «العونية» لصالح اللائحة المنافسة للحريري، وفي الـ2016 تشطيب نسبي من قبل بعض القوى المتآلفة ضمن «لائحة البيارتة» وتحالفات سرية وتجيير للأصوات «العونية» لصالح اللائحة المنافسة للحريري.

ما أشبه اليوم بالأمس، في الـ2004 صوّروا الحريري المنتصر خاسراً وجهدوا لإظهار الخاسر منتصراً، ويصوّرون في الـ2016 الحريري المنتصر خاسراً ويجهدون لإظهار الخاسر منتصراً.

ما أشبه اليوم بالأمس، العدّة نفسها والهدف واحد لا يزالون يعقدون الأمل على تحقيقه منذ أكثر من عقد: إلغاء الحريري من المعادلة السياسية.

ما أشبه اليوم بالأمس.. وما أخطره!