فيما يدور الحديث عن امكان حصول تفاهم اقليمي – دولي على انتخاب رئيس للجمهورية، ترى اوساط اوروبية مطلعة ان مثل هكذا كلام لا مجال لاخذه على محمل الجد، لاسيما ان المحادثات النووية بين اميركا وايران قد لا تبصر نتائجها النور في المستقبل المنظور، لان واشنطن تريد من طهران ورقة اعتراف بانها ستتوقف كليا عن تخصيب اليورانيوم فيما يرغب الايرانيون بتوقف موقت لا يتعدى الاشهر في مجال تطوير مخزونهم من اليورانيوم، على اساس ان الظروف الحالية تستدعي كسر العقوبات المفروضة عليهم ما ادى ويؤدي الى اختناق اقتصادي اضافة الى ان الاميركيين يتطلعون الى منع ايران من اي حراك في المجال العربي عموما وفي منطقة الخليج خصوصا!
الاسئلة المطروحة اوروبيا تقول ان الاميركيين يحاولون جهدهم تسجيل المزيد من النقاط الاقتصادية على ايران، فيما تعرف ايران ان من حقها حيازة كل ما من شأنه ان يعزز قدراتها الافادة من مخزومها من اليورانيوم المخصب لاهذاف خاصة بها، حيث لم تقل مرة واحدة انها بصدد اقتناء سلاح نووي، فضلا عن ان الاميركيين والدول الخمس الكبرى يتعاطون مع الموضوع من زاوية خنق ايران اقتصاديا وعسكريا من غير ان يؤدي ذلك الى انتشارها في دول مثل العراق وسوريا واليمن، بدلالات مشهودة ولا تحتاج الى ايضاح؟!
صحيح ان ما يهمنا في لبنان هو ان تبقى ايران بعيدة من مجالنا السياسي والامني، لكن هذا مجرد تمنيات في ظل تواجد حزب الله بسلاحه وجهوزيته، فضلا عما يمثله الحزب في الحرب السورية وفي العلاقة مع ايران «على رأس السطح» حيث ليس من ينكر ذلك، فيما يقول الايرانيون ان حدودهم تصل الى جنوب لبنان حيث انتشار حزب الله، فضلا عن تواجد حراس الثورة في صلب الحرب السورية، وكذلك في الصراع ضد داعش على الاراضي العراقية والى جانب الحوثيين في وقت واحد (…)
ازاء ما تقدم يقال الى حد الاعلان «ان حزب الله ممتعض من كلام البعض على ايران ودورها في سوريا، كما يعلن ذلك صراحة بالنسبة الى دور حزب الله في الحرب السورية، من غير ان يفهم المعلنون ان الحزب يخوض غمار حرب اثبات وجود الى جانب نظام بشار الاسد، وهذا من ضمن الرهانات الخاطئة على ان بوسع الحزب توظيف ثقله السوري والايراني في صلب قدراته اللبنانية العسكرية التي لا يختلف عليها احد كونها معروفة وملموسة لكن تأثيرها على الحوار مع تيار المستقبل هو الذي يرى فيه البعض مأخذا على الحزب، والعكس صحيح لان الحزب لا يتطلع الى افادة من احد عن علاقته بايران وسوريا في وقت واحد؟!
من هنا بالذات تبقى علامات التساؤل عن جدوى الحوار طالما ان كل شيء محدد وواضح ازاء اللعبة السياسية – الامنية، التي قيل عنها في بداية الحوار انها من ضمن عملية تنفيس الاحتقان السائد بين الطائفتين السنية والشيعية، وهذا بدوره مطلوب تصحيحه لمعرفة الى اين يمكن للحوار المسيحي المسيحي ان يصل، كي لا تبقى الامور «معصبة» الى حد التوتر في الكلام وفي الصمت في ان (…)
وفي عودة الى الموضوع الايراني – الاميركي فان محاولات الوصول بينهما الى سلم نووي لا تبدو مشجعة ليس لان واشنطن لا ترغب بذلك، بل لان طهران لا تريد التنازل عما بين يديها من قوة وقدرات عسكرية، بدليل انفلاشها في غير منطقة بالتفاهم الضمني مع الاميركيين، اضافة الى ما طرأ اخيرا من مواقف بالنسبة الى امكان اجراء محادثات مع بشار الاسد للتفاهم معه على مرحلة ما بعد الحرب، لاسيما ان الموقف الذي صدر عن وزير الخارجية الاميركية قد اعتبر تغييرا جذريا في سياسة واشنطن التي كانت تشدد على ان لا مةال لبشار الاسد في المستقبل السوري!
ومن الان الى حين معرفة الحدود التي ترغب فيها واشنطن مع نظام بشار الاسد، لا بد من انتظار رد الفعل السوري الذي ابلغ من يعنيهم الامر ان سوريا تنتظر من الاميركيين افعالا لتفهم كيف ستتعاطى مع التطورات الداخلية والخارجية حيث يعني كلام الوزير كيري الاخير ما لم يكن في حساب احد، لاسيما ان شركاء واشنطن في باريس ولندن قد رفضوا ما صدر عن كيري في المطلق، من غير معرفة من يساند الاميركيين من بقية الدول الاوروبية؟!
وما يهمنا في لبنان هو الابتعاد ولو نسبيا عن الصراع السوري – السوري، كي لا تتأزم شؤوننا الداخلية اكثر مما عليه الان حيث تتباعد وجهات النظر بالنسبة الى كل شيء تقريبا، مع العلم ان المساعي الحوارية قد تفيد موقتا وليس على المدى البعيد، اقله بالنسبة لهموم الخارج حيث لكل جهة رأيها ان كان مع اميركا او مع اوروبا ام مع ايران التي تبدو في اوج زخمها السياسي والديبلوماسي بعكس ما يقال عن ان نفس الايرانيين قصير طالما اثبتت التجارب عكس ذلك؟!
في النتيجة من الصعب معرفة ماذا تريد واشنطن؟!