قليلة هي المرات التي لا تحفل فيها ذكرى الأوّل من آب أو مناسبة تقليد السيوف للضباط المتخرجين من المدرسة الحربية في الفياضية من مواقف مفصلية يطلقها رئيس الجمهورية. وقد تكون صدفة ان تمر هذه الذكرى في أعوام محددة وسط ظروف سياسية يرغب رئيس البلاد في الاضاءة عليها أو حتى اجتراح حل لها. وهو أمر ظهر في العام الفائت حين رسم الرئيس ميشال عون خارطة طريق لأزمة تأخير ولادة الحكومة، فيما توقف في خطابه للعام 2017 في المناسبة نفسها عند نصر الجيش في الحدود الشرقية على التنظيمات الإرهابية و«مفاوضات الكشف عن العسكريين المخطوفين وقتها»، رافضاً حملات التشكيك بالجيش اللبناني.
ولم يكن احتفال عيد الجيش في أي سنة الا فرصة لرئيس الجمهورية لتوجيه الرسائل، لتحريك ملفات من خلال مبادرات أو حق لانتقاد اجراء معين وصاحبه، ولذلك كانت الأنظار تتجه إلى هذا اليوم وما قد يتخلله أيضاً من تشاور جانبي ولو كان قصيراً بين أركان الدولة.
في احتفال هذا العام والذي يصادف الخميس المقبل يحمل عنوان: «اليوبيل الماسي للإستقلال»، يتكرر مشهد الخطاب الرئاسي إنما بمضامين مختلفة سيظهرها الرئيس عون كما يرغب عاكساً من خلال رؤيته لمجمل الأوضاع ولمقاربته لما شهده العام الجاري حتى الآن وربما لما برز من تطورات ما بعد الأوّل من آب في العام 2018.
وفهم من مصادر مطلعة ان هذا الخطاب هو قيد الاعداد. وكما في كل مرّة، يفضّل الرئيس عون تفصيل النقاط التي يريد تسليط الضوء عليها، ولذلك فإنه من المرتقب ان تكون كلمته شاملة.
وقالت هذه المصادر انه إذا كانت حادثة قبرشمون قد وجدت طريقها للحل وأمنت انعقاد جلسة لمجلس الوزراء قبيل حلول هذه المناسبة فإن ذلك يسهّل المهمة امام عرضها أو الإشارة إليها في خطاب الرئيس عون، لافتة إلى انه منذ الآن وحتى الأسبوع المقبل قد تتبدل المعطيات السياسية وقد تبقى في إطار المراوحة. وأوضحت المصادر ان رئيس الجمهورية يُدرك تماماً لدوره المحدد في الدستور وبالتالي أي موقف يطلقه في ما خص هذه الحادثة يكون مبني على هذا الدور مع يقينه التام ان تعطيل المؤسسات الدستورية أمر يجب انهاؤه وهو سبق وأن اتفق بشأنه مع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الذي بدوره غير مقتنع بطرح الحادث في مجلس الوزراء واللجوء إلى خيار التصويت.. وهناك معلومات شبه مؤكدة أيضاً تفيد بعدم رغبة رئيس مجلس النواب نبيه برّي في ذلك.
ورفضت هذه المصادر الحديث منذ الآن عن مبادرة جديدة قد يعرضها الرئيس عون في موضوع الحادثة في خطابه تحديداً مؤكدة ان الملف لا يزال في عهدة وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، قائلة ان هناك متسعاً من الوقت وأن مهمتهما متواصلة بتكليف منه.
ولفتت إلى ان الرئيس عون ليس مقتنعاً لبقاء الحكومة من دون جلسات دورية تحرّك الأوضاع، كما انه لم يكن راغباً في الا يشهد القصر الجمهوري لورشات العمل المتعددة التي كان يريد إدارتها بهدف تبادل الآراء مع المعنيين حول مختلف المواضيع.
ورأت ان كل شيء سيكون في وقته، وأن كما كان عليه خطابا عون في العامين الماضيين جازمين بأن خطاب هذا العام لن يختلف عنهما. مشيرة إلى انه بموازاة موضوع حادثة قبر شمون فإن رئيس الجمهورية الذي يعود إليه أمر التوقف عنده او لا لن يغفل عن التحديات الماثلة امام الوطن سواء كانت اقتصادية أو غيرها.
وأكدت انه يتابع مسار الأمور وكل ما يريد قوله سيكون حاضراً في مناسبة الأوّل من آب على انه معروف عن الرئيس عون تحضيره لمبادرة ما أو لطرح ما بشكل مفاجئ وفي الوقت الذي يشاء مع العلم انه لا بدّ من ترقب مواقفه في حفل تقليد السيوف للبناء على المرحلة المقبلة.