بودّي معرفة ماذا سيقول الرئيس الحريري في حضرة مايك بومبيو غداً في واشنطن. وعما إذا كان اللقاء سينتج أبعد من إبقاء قناة التواصل الدبلوماسي مفتوحة بين قويّ صاحب مشروع، ومغلوبٍ على أمره بلدُه مخطوف؟
فرئيس الحكومة الذي اقتنع بما روّجه “حزب الله” من أن أزمة قبرشمون لن تنتهي قبل أيلول، دبّر مواعيد اميركية لعلّه في الفترة الميتة من عمر الحكومة يستطلع وضعنا ويستفهم عمّا حلّ بصفقة القرن المجهضة، ويسأل عن الترسيم البحري، ويحاول خصوصاً فصل العقوبات على “حزب الله” عن تداعياتها على الدولة وسائر اللبنانيين.
صحيح أنها زيارة عجالة، لكن الملفات ليست بسيطة كون واشنطن تنظر إلى لبنان عبر قدرة “حزب الله” على استخدامه منطلقاً لسياسات أو عمليات تخدم إيران، أكثر مما تراه بلداً يستحق الدعم ليحيا بشكل طبيعي.
سيبذل الحريري ما استطاع. لكن سيسقط في يده حين يقول له المضيف ان “حزب الله” هو حاكم لبنان الفعليّ. وإن نسي الوزير سيذكره ديفيد شنكر بأن الرئيس عون لم يصل إلى بعبدا إلا بعدما منحه الحزب البركة و”درع التثبيت”، وأن حكومته تشكلت بعدما سيم رئيسها أنواع التعذيب السياسي كلّها.
لا يُحسد الحريري على موقفه، فبومبيو ليس جون كيري الرخو المتعاطف مع الجانب الإيراني. إنه أحد صقور ترامب الداعين إلى تشديد العقوبات على طهران وأذرعتها حتى الاختناق. وهو قد يسأل الحريري عما فعل لبنان في هذا الاطار وعن التراخي تجاه املاءات “حزب الله” في تشكيل الحكومة والفشل في اقرار بنود في الموازنة تزيد موارد البلاد وتقلص مداخيل “الحزب” في آن.
أتخيّل الرئيس الحريري خجلاً يتجنّب القول إن الحكومة عاجزة عن جمع النفايات، وأبسط من ذلك بكثير، وإن رئيس الجمهورية نسي واجبه الدستوري في استعادة سيادة الدولة وأحاديّة سلاحها الشرعي ومنشغل بهاجس توريث باسيل، وهي اضطرت لعطلة إلزامية لمجرّد حادث بين “البيك” و”المير”.
ما عسى الحريري أن يقول لبومبيو؟ لا شيء على أبعد تقدير. جلَّ ما يستطيعه أن يمدَّ يده قائلاً إن موازنة 2019 أنجزت بعد جهد كبير ولبنان بحاجة الى “عونكم الكريم” للحصول على أموال “سيدر” وضخ جرعة أوكسجين في اقتصاده. وربما اضطر إلى رجاء محدّثه تجاهل المغرضين إن أبلغوه بأن صفقة “Touch” نصبٌ شرعي يتقاسمه ثلاثة أطراف رئيسيين.
محرج موقف الحريري. فلا حكومته متوافقة على أي موضوع جوهري ليبلغه إلى محدِّثيه، ولا يمكنه ان يهمس لهم برأيه الشخصي. يبقى أن التواصل مع وزير الخارجية الأميركي “أحسن من بلاش” حتى ولو ختم اللقاء بـمجرّد عبارة “Keep in touch” من باب اللياقة ليس إلا!