بدل ان تصلحها مسيحياً فان الكتائب كسرتها، بهذه الخلاصة ترد شخصيات مسيحية معنية في الاستحقاق الرئاسي على موقف النائب سامي الجميل الذي اعلن فيه حربه على ترشيح عون وفرنجية، ليأتي السؤال ذاته «ماذا تريد الكتائب ؟» كما في كل مرة على اعتبار ان امين الجميل هو احد الاقطاب الاربعة الذين يطرح اسمهم وان بدرجة اقل لرئاسة الجمهورية في ظل ترشيح ميشال عون من قبل سمير جعجع وبعد طرح الحريري لترشيح سليمان فرنجية، والسؤال ذاته تردد مع مؤتمر رئيس حزب الكتائب سامي الجميل الذي انتظره كثيرون لمعرفة الموقف الكتائبي من اعلان معراب والمصالحة المسيحية المسيحية، وايضاً من ترشيح سليمان فرنجية اذ تبدو الكتائب في علاقة مستقرة مع بنشعي، فاذا بالجميل الابن يشنها حرب على ترشيح عون وفرنجية رافضاً اي ترشيح لاسم من 8 آذار سواء كان تايوانياً او اصلياً.
فمؤتمر «كفى ولدنات» كما قالها سامي الجميل احتجاجاً على اللعب بمستقبل المسيحيين والوطن كما يقول الكتائبيون بدل ان يساهم في تقريب المسافات مع الرابية او بنشعي فان سامي الجميل رفض ترشيح عون وفرنجية ولم يمد يد المصالحة الرئاسية الى احدهما. هذا الموقف بحسب اوساط سياسية كان متوقعاً واتى في السياق الطبيعي للامور وفق استراتيجية الكتائب وما تريده في هذه المرحلة، وبنظر الاوساط ليس في وسع الكتائب ان تؤيد ترشيح احد الطرفين وليس بمقدورها الا ان تصدر مثل هذا الموقف بعد عملية الحشر السياسي والاحراج الذي اصيبت به الكتائب من تحالف الخصمين المسيحيين. فالاتفاق القواتي والعوني يأتي على حساب الكتائب سواء في التحالفات الرئاسية او النيابية او النقابية وفي كل المناطق التي ستشهد استحقاقات في المرحلة المقبلة، وبالتالي فان اتفاق القوات وعون من شأنه تغيير الكثير من المعادلات السياسية واحداث انقلاب ربما على الساحة المسيحية.
واذا كان ثمة من يقول ان الجميل ذهب في معاداة عون، اكثر فان الاعتراض على الترشيحين هو واقع حتماً، والفرق الحاصل ان الحريري لم يعلن رسمياً ترشيح فرنجية كما ان الكتائب سبق وطرحت تساؤلات على فرنجية قبل فترة.من جهة ثانية فان علاقة بنشعي وبكفيا تبدو افضل حالاً من العلاقة مع الرابية. فعلاقة بنشعي وبكفيا شهدت في الاشهر الماضية تحسناً مقبولاً وزيارات متبادلة الا ان تحفظات مفاجئة ظهرت فجأة على ترشيح رئيس المردة لجهة توضيح علاقته بسوريا وحزب الله قبل ولوج قصر بعبدا ونصائح كتائبية اطلقت في اكثر من مناسبة على مواقع التواصل الاجتماعي لمسؤولين وقياديين كتائبين لضرورة تمثل فرنجية بالخط السياسي الذي رسمه بشير الجميل قبيل انتخابه رئيساً للجمهورية بمصالحة اخصامه في الشارع المسلم.
اللافت في ما يصدر عن الكتائب تناقض فاضح في قول الشيء وضده في آن معاً تؤكد الاوساط، فبالنسبة الى الرئيس الجميل فان فرنجية زعيم سياسي وابن بيت وطني في حين يدعو النائب سامي الجميل فرنجية الى قطع علاقته بالرئيس بشار الأسد والتنصل من علاقته بالسوريين، وهذا ما لم يفعله زعيم المستقبل الذي رشح فرنجية، وسار بالتسوية الرئاسية بفصل المسارات، وبالاستحقاق الرئاسي وما بعده وكيفية ادارة البلاد بدون الغوص بالملف السوري وما يجمع فرنجية بالأسد وكذلك فعلت السعودية عندما اسقطت الفيتو على ترشيح حليف النظام السوري ولم تفعل على زعيم الرابية. فالسؤال لماذا الكتائب وحدها تحمل سلم الاعتراض فيما المستقبل سار بمرشح من 8 آذار، وماذا سيجني الجميل الأب والابن من فتح النار على الرابية وبنشعي؟
في اعتقاد كثيرين ان الرئيس السابق امين الجميل لا يزال يحاول ويبحث فربما يكون المرشح الذي سترسو عليه معركة عون وفرنجية الرئاسية، وفي حال لم يتأمن ذلك فان تصعيد الجميل يمكن ان يندرج في خانة تحقيق مكاسب في السياسة ربما من خلال استقطاب الشارع الآذاري الذي خرج منه الى حد ما سمير جعجع بعلاقته الجديدة مع ميشال عون وبالتالي ارساء معادلة تقول بان الجميل لم يتغير فيما تغير المستقبل وسمير جعجع ، ومن جهة اخرى يمكن القول ان الجميل يعتبر الفرصة سانحة امام ترشحه في ظل الفيتوات على كل من فرنجية وعون، فالجميل لم يقطع الامل بفرص ترشحه وهو احد الاقطاب الاربعة الاقوياء الذين اتفقوا ذات يوم في بكركي على السير باول مرشح تتوفر له الظروف المناسبة وهو يرى انه على مسافة مقبولة من فريقي 8 و14 آذار.
وبانتظار ان تتوضح معالم ما يتم تحضيره في الكواليس رئاسياً فان الافرقاء على مواقفهم يحاول كل طرف ان يشد حبل الرئاسة لصالحه، هذا ما يفعله فرنجية وما تمارسه الرابية وما تحاول ان تطبقه بكفيا باستغلال تناقضات الرابية وبنشعي وخلافاتهما الرئاسية، ولكن المؤكد كما تقول اوساط سياسية ان لا رئيس في بعبدا بدون الاتفاق المسيحي اولاً والتعويل يتم للمرة الاولى على العنصر المحلي لانجاز الملف الرئاسي وليس على العامل الاقليمي وحده وكل ذلك وسط نقمة القوات المستمرة على «غدر» الحليف في المستقبل وانجازه التسوية بدون علمه وصمت واحراج حزب الله، و«ثعلبة» بري وجنبلاط وافخاخهما الرئاسية.