بحسب الاستراتيجية الاسرائيلية الجديدة وبحسب تقارير صادرة عن مراكز القرار الاسرائيلية، التي كشف عنها مؤخرا، وكما بات معلوما، فان تل ابيب ستواجه لاول مرة في تاريخها عدوها ضمن نطاق حدودها الجغرافية، بعدما درجت العادة على نقلها الحرب الى اراضي العدو، ما اوجب على الجيش الاسرائيلي إعداد العدة لمواجهة هذا التطور الذي لم يشهد له مثيلاً منذ عام 1948، برا في مواجهة تهديدات احتلال مستوطنات في الجليل، جوا عبر اختراق الطائرات من دون طيار وهو ما حصل اكثر من مرة خلال السنوات الخمس الاخيرة ، وبحرا كما حصل يوم نفذت المجموعة التي كانت تضم سمير القنطار انزالا عند شواطئ نهاريا، او ما نفذته قوة الكومندوس البحري لحماس ابان حرب «الجرف الصامد».
وفيما تتعالى في الداخل الاسرائيلي الدعوات الى ضرورة تعزيز وسائل الردع وحماية الجبهة الداخلية ، وضرورة تعزيز القدرات والاستعداد للمرحلة القادمة وما تحمله من تحديات جديدة نشات نتيجة لتطور قدرات اعدائها على كامل الجبهات، وفي ظل «حرب الغاز» المنتظرة مع تحول منطقة بحر المتوسط الى مساحة عائمة على حقول تحوي تريليونات الامتار المكعبة، بدات اسرائيل منذ فترة وبحسب التقارير الاسرائيلية بايلاء سلاح البحرية اهمية توازي تلك المعطاة لسلاح الجو، مع ادراكها للمخاطر الاستراتيجية المهددة لامنها القومي والقادمة من البحر.
من هنا جاء كشف سلاح البحرية الاسرائيلية عن تنفيذه، مؤخرا، سلسلة مناورات واختبارات في المياه الاقتصادية الإسرائيلية بغرض تحسين مواجهة المخاطر المحتملة، تضمنت التدرب على مجابهة محاولات قد يقوم بها أفراد كوماندوس تابعون لإحدى المنظمات المعادية على إحدى المنصات وكذلك اعتراض صاروخ أرض بحر من النوع الذي يمتلكه «حزب الله» وسوريا، حيث اشار احد الضابط المشاركين الى أن من سيأتون من البحر هذه المرة «ليسوا مخربين يعتمرون كوفيات، بل أشخاص يفهمون أن الأمر يتعلق بذخر استراتيجي لدولة إسرائيل».
سلاح البحرية تضيف التقارير الاسرائيلية، الذي نجح في استخدام الرادار المتقدم «أدير» (هائل)، من انتاج الصناعات الجوية، والذي جهزت به احدى سفن سلاح البحرية. تمكن من اعتراض صاروخ «أيوب» وهو قريب من النوع الذي يمكن أن يطلق على منصات الغاز وأطلقت باتجاهه صواريخ «باراك» المضادة للصواريخ فأسقطته وهو في الجو، في احدى سيناريوهات المناورة، التي نفذ خلالها رجال الكوماندوس البحري من «شييطت 13» تدريبات على أساس اقتراب وسيطرة ارهابيين على إحدى منصات الغاز بهدف تفجيرها.يشار الى انه وللمرة الاولى منذ انشائها دربت الكلية البحرية الإسرائيلية وخرجت هذا الأسبوع ضباطاً بحريين تمرّنوا على المواجهة والقتال في المياه الاقتصادية على بعد مئات الكيلومترات من الشاطئ.
مناورات حولت الهدوء الذي تشهده المنطقة البحرية عند رأس الناقورة ونهاريا الى حال توتر مع الاعلان عن رفع حال التأهب ونشر قوات كبيرة من سلاح البحرية واجراء تدريبات مكثفة في عرض البحر بادعاء ان قوارب لبنانية تقترب يوميا من الحدود ما يصعد خطر عمليات تسلل حزب الله عبر البحر. تقديرات بحسب ما روج الجيش الاسرائيلي، دفعت سلاح البحرية الى تدريبات مكثفة على سيناريو تسلل عناصر من الحزب بحرا لتنفيذ عمليات ضد رواد الشاطئ الاسرائيلي في نهاريا. كما نصب سلاح البحرية معدات رقابة متطورة في قاع البحر بحسب التقارير الاسرائيلية، وقد شملت تدريباته سيناريوهات ملاحقة سفن وقوارب من لبنان بينها قوارب صيادين تقترب من راس الناقورة. وفي تقديرات الجيش الاسرائيلي فان تسلل قارب او سفينة من لبنان يستغرق اقل من خمس دقائق وخلال عشر دقائق تكون العناصر قد اجتازت المنطقة المستهدفة لتنفيذ العملية وهو امر فرض اعتبار قيادة الشمال الوضع على الحدود الشمالية البحرية في اقصى درجات التوتر، وسط الخشية من ضربة مفاجئة لحزب الله لا تستطيع اسرائيل التصدي لها او منعها.
وسط كل ذلك تستمر أعمال البناء الجارية تحت الحماية الظاهرة للبحرية الإسرائيلية تضيف التقارير، وبالتعاون مع مهندسين وشركات أميركية وأوروبية، تتضمن بحسب ما كشف إقامة حاجز مادي ومنظومة أجهزة تحسس قادرة على تحديد التحركات فوق المياه وتحتها، كجزء من خطة دفاع قائمة على بناء الجدران من حولها في البر والبحر – تحسباً للحرب القادمة يجمع المسؤولون الإسرائيليون على أنها ستكون حافلة بالمفاجآت التي ستطال كل نقطة في اسرائيل – ينفذها الجيش الاسرائيلي من أجل إقفال الحدود، وحماية منشآت الغاز التي تعتبر ثروة استراتيجية لإسرائيل، تتضمن كذلك شراء سفن حربية جديدة من ألمانيا، في مواجهة تهديدات حزب الله المتعاظمة في هذا المجال.
التقارير الاسرائيلية اشارت الى ان الجدار عبارة عن خط حدودي وهمي رسمته البحرية الاسرائيلية، حيث ستنشر وفق المخطط معدات مراقبة حديثة تضم مجسات وأجهزة استشعار وتصوير متطورة، تديرها غرفة عمليات خاصة تسمح لها بالكشف عن تحركات غواصين أفراد أو مراكب بحرية بمختلف الأحجام أو غواصات، مربوطة بغرفة عمليات مركزية ممكننة ومتصلة على مدار الساعة بالقوارب البحرية وطائرات سلاح الجو، قادرة على التحرك لصد اي تسلل خلال دقيقتين من اكتشافه، تدعمها دوريات بحرية وتغطية جوية لطائرات من دون طيار مكثفة ومفاجئة على مدار الساعة، بهدف الكشف عن عمليات التسلل فوق الماء وتحته من جنوب لبنان ومن قطاع غزة. علما ان كارثة سفينة ساعر 5 «اخي – حاني» التي ادت الى مقتل اربعة جنود خلال حرب لبنان الثانية عام 2006 غيرت الوعي في سلاح البحرية، بحيث أصبح هناك فهم بضرورة حماية السفن البحرية عبر وسائل متطورة.