ما البديل إذا لم يتفق الأقطاب على «السلة»؟
ثلاثية الحوار أمام جدار فقدان الثقة واختلاف الأولويات
بعدما فرض تأجيل الملفات نفسه على المشهد السياسي، فإن الشكوك تتزايد بشأن ما ستسفر عنه ثلاثية الحوار المقررة في 2 و3 و4 آب المقبل، في قصر «عين التينة»، حيث ستخضع مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري للتشريح من قبل المتحاورين، وسط أجواء تشاؤمية من إمكانية حصول توافق بشأنها ولو بالحد الأدنى، حيث يتمسك كل فريق بمواقفه ولا يريد تقديم تنازلات تفضي إلى إيجاد حل لمأزق الرئاسة الأولى الذي لا يزال عالقاً عند الشروط والشروط المضادة لكل طرف، ففريق «14 آذار» يصر على إجراء الانتخابات الرئاسية قبل الانتخابات النيابية ولديه مبرراته وهواجسه في آن، فيما يقف في مواجهته فريق «8 آذار» وتحديداً «حزب الله» الذي يدعم خيار الانتخابات النيابية أولاً ومن ثم انتخاب النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية، واضعاً قوى «14 آذار» أمام خيار الأمر الواقع، فإما القبول بعون أو لا انتخابات رئاسية وحتى لو استمر الشغور لسنوات، وبالتالي فإن هناك تساؤلات تطرح عن مدى قدرة هذه الثلاثية على الخروج بنتائج إيجابية، من شأنها تعبيد الطريق أمام الحل في إطار تسوية داخلية هذه المرة شبيهة بتسوية الدوحة في العام 2008، في ضوء تشبث المتحاورين بمواقفهم المسبقة، وكيف ستكون عليه النتيجة في حال لو أخفقوا في الخروج بإيجابيات؟ وما هو البديل من الحوار عندها؟ هذه التساؤلات لها ما يبررها بنظر أوساط نيابية مشاركة في اجتماعات هيئة الحوار، كما تقول لـ«اللواء»، سيما وأن الهوّة بين المتحاورين لا تزال عميقة، حيث الاقتراحات المطروحة على الطاولة متناقضة إلى أقصى الحدود ولا شيء هناك متفقا عليه، لا الانتخابات الرئاسية ولا قانون الانتخابات ولا كيفية التوافق على تفعيل الحكومة وإيجاد الحلول الضرورية لكثير من الملفات العالقة التي ترخي بثقلها على الأوضاع الداخلية، مشيرة في الوقت نفسه إلى غياب عامل الثقة بين «8 و14 آذار»، ما يزيد من عمق الانقسامات السياسية في البلد ويفتح الباب واسعاً أمام استيلاد مشكلات إضافية، باعتبار أن لدى «14 آذار» هواجس جدية من وجود رغبة لدى «حزب الله» وبعض حلفائه للسير بمشروع المؤتمر التأسيسي، عن طريق الضغط لتغيير النظام إذا أمكن، على حساب اتفاق الطائف الذي يرفضه «حزب الله» والنائب عون وتياره السياسي، ما يعني أن هناك خشية حقيقية لدى «14 آذار» من نوايا الفريق الآخر لا يمكن تجاهلها، خاصة وسط الإصرار على انتخاب عون أو إبقاء الشغور واعتماد النسبية كأساس في أي قانون للانتخابات النيابية، والدفع تالياً لتشكيل حكومة موالية، الأمر الذي يسمح لـ«8 آذار» بوضع يدها كاملة على المؤسسات.
في المقابل، تعتبر مصادر نيابية من «8 آذار» مشاركة أيضاً في جلسات الحوار من وجهة نظرها، أنه إذا لم تحقق الثلاثية الحوارية هدفها، فليست نهاية المطاف، ما يعني أن الحوار سيستمر حتى التوصل إلى اتفاق ولو في حده الأدنى، لأن الفراغ يضر الجميع ومن مصلحة الأطراف السياسية إيجاد مناخات ملائمة تسمح بإنهاء الشغور، سواء قبل الانتخابات النيابية أو بعدها، وسط ارتفاع وتيرة المؤشرات أن الاستحقاق النيابي سيجري في موعده في ربيع الـ«2017»، إن لم يكن قبل ذلك، إذا ما نجحت المشاورات في التوصل إلى إعداد قانون جديد للانتخابات النيابية، مشددة على أن رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يمكن أن يترك الحوار يصل إلى الطريق المسدود، لأنه يدرك سلبيات فشله، وعليه فإنه سيحاول تدوير الزوايا ما أمكن، بحثاً عن مخارج لتفادي الانزلاق إلى الهاوية وأخذ البلد إلى منحدرات خطيرة، ينبغي تجنبها من خلال وضع المصلحة الوطنية أولوية على ما عداه والكف عن سياسة التناحر والتنابذ.