منذ أسبوع وآلات الحصاد تهدر في مناطق وسط وساحل وسهل عكار، ومناطق وقرى الحدود مع سوريا، من أجل جني محصول القمح، والذي ترافق هذه السنة مع محصول البطاطا بسبب العوامل المناخية التي جعلت توقيتهما متقارباً في بداية الموسم.
الجدير ذكره أنّ نسبة الأراضي التي زرعت بالقمح هذه السنة قد زادت من حدود 20% للأراضي الزراعية في سهل عكار في السنة الماضية إلى حدود 50% منها، وذلك لسببين أساسيين: الأول هو الحرب الروسية الأوكرانية وتخوف الناس من انقطاع هذه المادة من جهة، والسبب الثاني لأن عدداً من المزارعين قد اتّخذ من زراعة القمح بديلاً عن زراعة البطاطا التي تشهد خسائر كبيرة في السنوات الأخيرة من جهة أخرى.
ويقول أحد مزارعي القمح في سهل عكار الحاج جمال خضر: «لقد تأخرت وزارة الزراعة هذه السنة في تأمين الدعم الذي وعدت به مزارعي القمح، وريثما وصل البذار من الوزارة كان المزارعون قد زرعوا أراضيهم لأنه في نهاية 15 كانون الثاني يكون قد انتهى زرع المحصول في السهل. ونحن الآن نجني المحصول، تواصلنا مع وزير الإقتصاد والتجارة أمين سلام، وكان في جدّة، قلنا له إنّه من الضروري أن تشتري وزارة الاقتصاد من المزارع مباشرة وليس من التاجر لأنّ هناك فرقاً في السعر بين ما يشتريه التاجر من المزارع، وبين ما تشتريه الوزارة من التاجر وتبيعه للمطاحن مدعوماً بحدود 200 $ لصالح هذا التاجر، وذلك دائماً على حساب المزارع. ولكن كان الوزير في جدة، وريثما عاد من هناك وأخذنا منه الموعد في الأسبوع المقبل يكون المحصول قد شارف على نهايته».
ويرى خضر أنّ «المشكل يكمن في أن لا قدرة لدى أكثرية المزارعين في عكار على الانتظار لكي يبيعوا الى الوزارة ثم الانتظار سنة أو أكثر لكي يستوفوا ما يبيعونه لأنّ قدرتهم المادية ضعيفة أمام ذلك». وطالب باسم المزارعين وزارتي الزراعة والاقتصاد والتجارة بالبدء باكراً في تأمين الدعم والحفاظ على الأسعار التي تحقق الربح للمزارع ولا تتركه تحت رحمة التاجر».
واعتبر أنّ «هذه الزراعة بحاجة إلى سياسة دعم حقيقية تتضمن المساعدة بالمواد الزراعية والبذار والإنتاج والتصريف، والإستفادة من التبن والقش، وأن تكون مصلحة المزارع هي الأولوية، حيث أن وزارة الزراعة في هذه الظروف تعدّ وزارة سيادية ومن غير المقبول أن تبقى موازنتها السنوية 5 ملايين دولار».
تجدر الإشارة إلى أنّ القمح الذي يزرع هذه السنة في عكار هو من جميع الأنواع منها القاسي والطري، والقمح الذي يستخدم في جميع أنواع المصنوعات كالخبز وغيره، وقد استقدم العديد من المزارعين حصادات من البقاع لعدم وجود حصادات كبيرة من هذا النوع في هذه المنطقة حيث تتراوح تكلفة الهكتار الواحد من الحصاد بحدود 290 إلى 300 $ أميركي، وربح المزارع في الهكتار الواحد لا يتعدى 1000 $، لكن اذا ما احتَسب الاسمدة والأدوية وغيرها من التكاليف الزراعية، فإنّ هامش الربح بالنسبة إليه يكون ضعيفاً إن لم يكن قد خرج من هذه الزراعة، على حد ما يقول المزارعون، «راس براس» بأحسن الأحوال.