يوماً بعد يوم يثبت ان المواجهة تصبح اكثر من واقعة وحتمية بين الحليفين في الرابية وبنشعي على خلفية الملف الرئاسي، وبان قرار انسحاب احد المرشحين من فريق 8 آذار غير وارد على اجندة كل من زعيم المردة او تكتل الاصلاح والتغيير، وبالعكس يبدو عون اكثر تصميماً على خوض الاستحقاق من قبل، في حين يصر فرنجية على حقه في الفرصة الرئاسية التي لا تصب لمصلحة عون حالياً كما يقول، ومؤخرا خرج الخلاف على طاولة الحوار مرة جديدة عن المألوف بين الرابية وبنشعي ليؤكد ايضاً ان مشروع فرنجية مستمر رئاسياً وان التباين واقع بين الحليفين ولا رجوع عنه حالياً، خصوصاً ان مواقف زعيم المستقبل سعد الحريري بتزكية فرنجية ودعمه في كل اطلالة مناسبة تزكي نار الخلاف المشتعلة .
فرنجية يزداد تصلباً ولا مشكلة لديه في التصويب على الرابية، فيما تصعيد الرابية يبدو انه يأخذ منحى مغايراً وليس مصوباً حصراً على ترشيح فرنجية، اذ ترى مصادر مسيحية ان عون سوف يقوم بالضغط في الساعات المقبلة في الموضوع الرئاسي عبر النزول الى الشارع ربما او تحريك التظاهرات والاعتصامات لتحقيق اختراق في الجمود الرئاسي، بينما يعول فرنجية على ان يكون مرشح التسوية المفترض على توقيت الساعة الاقليمية، وهو لم يتردد في انتقاد قرار مجلس التعاون الخليجي والاصطفاف الى جانب حزب الله في المعركة المفتوحة على الحزب، هذا الموقف لا يبدو انه ازعج الحريري الذي بدوره يحاول ان لا ينجر الى التصعيد الداخلي وتوتير الوضع، فبالنسبة الى الحريري فرنجية صديق شخصي للنظام السوري ولا يقبل المس بحزب الله وسلاحه، فيما الحريري يركز عودته بدعوة حزب الله للانسحاب من سوريا، وفي حين يبدو الحريري مكملاً في معركة فرنجية.
واشارت المصادر الى ان موقف حزب الله بالمفاضلة بين بنشعي والرابية تشبه المفاضلة بين العين والقلب. فحزب الله حاول ويحاول بجهد وديبلوماسية تلميع الصورة التي تصدعت بين ميشال عون وسليمان فرنجية وترميم بيت 8 آذار بعد ان صار احد مرشحيها مطلوباً ترشيحه من 14 آذار، ولكن ما اتضح له، وهو المنهمك بمعاركه القتالية على الجبهات والهجمة السعودية والخليجية بان ما انكسر قد كسر وبالتالي يصعب اصلاحه وترميمه، وان العلاقة دخلت دائرة المحظور تقريباً بين الحليفين المسيحيين وسط كل التبدلات والتغيرات في المشهد السياسي اللبناني والاقليمي ايضاً، فالواضح من سياق التصعيد الذي يمارسه فرنجية بان قرار ترشحه لا رجوع عنه وانه يعمل على تثبيت نفسه كمنافس جدي على الرئاسة يملك حضوراً سياسياً واصواتاً وتأييداً غير مسبوق من المستقبل وبري وجنبلاط، وحيث يعول على الحريري المعارض بشراسة لوصول عون الى الرئاسة وخلفه المملكة السعودية التي تدعم وصوله رغم الخصومة السياسية معه لاستباق دخول المنطقة على سكة الحلول المفترضة واستباقاً لانقلاب موازيين القوة في سوريا لصالح محور المقاومة بالكامل.
واللافت مقابل كل التصعيد من زعيم المردة ان الرابية تحاول ان تحفظ خط الرجعة مع الحليف الاخضر تؤكد المصادر المسيحية، فهي كانت اصدرت تعميماً بعدم الانزلاق الى المواجهة الخلافية مع المرديين، في حين ان بنشعي لم تلتزم بالخطوط الحمراء، فتم تعيير الرابية بالفوز باصوات شيعة بعبدا وجبيل في الانتخابات، وبان المردة ليست جمعية خيرية لتهب اصواتها، وبترداد ان من لا يقبل الخطة ب لا يمكن مسايرته بالخطة « أ»، وبالتصعيد على اتفاق معراب بين عون وجعجع والتحالفات التي ستنشأ بينهما فلدى بنشعي مخاوف واقعية بحسب المصادر، من ان اعلان معراب انجز ورقة متكاملة من الموضوع الرئاسي الى الانتخابات النيابية والاستحقاقات المقبلة تضمن توزيع خريطة لحصص الفريقين وقد لحظت الورقة عدم التحالف مع المكونات المسيحية في بكفيا وبنشعي، وما يتناهى اليوم من معلومات يؤكد حرص الطرفين على مراعاة بعض في التحضيرات البلدية وعلى تمثيل القوات بقوة في البلدات حتى تلك المحسوبة على التيار الوطني الحر.
ولئن الشعور العام لدى الرابية بان من كان يصنفها بمنزلة «الاب الروحي» قام بالانقلاب عليها وباستغلال دعم الحريري لمعركة الرئاسة لمحاولة اخراج عون من السباق الرئاسي، فان لدى المردة عتباً على الحليف الذي اساء فهم ظروف ترئيس فرنجية وطرح الحريري وبان فرنجية ليس في وارد التنافس الشخصي، مع عون ولا يبحث عن دور ليختلف معه، لكنه يطرح نفسه كمرشح بديل بعدما ضاقت فرص الاستحقاق وطال امد الفراغ . وبغض النظر عن كل ما يقال فان الواضح ان الامور لن تستقيم مع الجنرال ، وان فرنجية يبادر الى التصعيد بدل احتواء الموقف وهذا التصرف وفق المصادر يتأرجح بين نظريتين، فاما ان فرنجية اصبح واثقاً من خطواته الرئاسية وارتفاع حظوظه ويملك ضمانات تجعله يقول ما يقوله وبانه سيكون مرشح التسوية عندما تدق الساعة الاقليمية، اما النظرية الاخرى فترى ان فرنجية قام بخطوة غير موفقة تدرجت بعدة محطات تجاه حليفه السابق، وبالتالي ما الذي يضمن مستقبلاً ان لا تقوم السعودية في ظل حساباتها الاقليمية بالمبادرة الى الانسحاب من معركة فرنجية الرئاسية فيكون فرنجية خسر ما خسر. بدون شك فان الاختلاف والتباين اليوم بين الرابية وبنشعي هو الاقوى بين الحليفين ودخل دائرة المحظور سابقاً بين الاثنين، بالنسبة الى ميشال عون فان معركة الرئاسة هي معركة حياة او موت ويرفض اقصاءه عن الحلبة السياسية والاذعان لما يريده تيار المستقبل، في حين يرى فرنجية انه يملك تأييد نبيه بري ووليد جنبلاط وتيار المستقبل وهو ايضاً مرشح من 8 آذار ويحق له بالترشح وفق الخطة «ب» لانعدام حظوظ عون.
في مطلق الاحول فان ما يجري بين الحليفين مرشحي 8 آذار قد خرج عن المألوف، فكل من عون وفرنجية تجاوزا الخطوط الحمراء باشواط، وبالتالي، فان هذا التجاوز بات يضع رئاستهما في دائرة الخطر وربما في «خبر كان».