Site icon IMLebanon

عندما يطمح «الحراك» بالتحوّل إلى «ثورة»

«صدمة البيئة» تثير شهية الأسئلة

عندما يطمح «الحراك» بالتحوّل إلى «ثورة»

يوم «البيئة» الطويل: «المقتحمون» أُخرٍجوا عنوة ثم غادر الوزير بموكبه

فرض المتظاهرون أجندتهم على القوى السياسية. تحول معظم هؤلاء الى متابعين للتطورات التي تجري على الارض، وسط قلق ومخاوف متزايدة.

فاقتحام وزارة البيئة شكّل صدمة، حتى للمتعاطفين من السياسيين مع هذا الحراك، وبدأت تنهال الاسئلة والفرضيات وتُرسم السيناريوهات وسط ضبابية في مآل الامور وأهدافها، ربما يكون أهمها ما يرتبط بالخطوات التي ستأتي لاحقاً؛ ثم لماذا اقتحام وزارة البيئة بعد أن تنحى الوزير محمد المشنوق عن ملف النفايات بالكامل؟ فهل اعتبار الوزير المشنوق الحلقة الأضعف التي يمكن استهدافها لتحقيق «انتصار»؟ أم أن في خلفية الصورة والتحرك هدفا آخر غير معلن وأن هناك مستفيدين من استقالة المشنوق من وزارة البيئة؟ وهل ستكون «الصدمة» كافية ليكون الحراك الشعبي قد بلغ النضوج الكافي ليتحوّل إلى «ثورة»؟ أم أن الخطوة هي تعبير عن طموح بتحوّل الحراك الشعبي إلى «ثورة»؟

كثيرة هي الأسئلة التي تدحرجت أمس، ليست كلها من باب التشكيك بالحراك الشعبي، لكن الأجوبة عليها بقيت على صفحات الاستنتاجات.

تَحَفُّظُ كثير من السياسيين على تحرك الامس، انطلق من مجموعة اعتبارات ومصالح متداخلة، لكن الخوف مما سيلي، جمع بينها.

يقول احد السياسيين الوسطيين إن «الاستيلاء على مبنى وزارة البيئة أدخل الحراك في محظور كان يمكن تجنبه. فلا الوزير المستهدف من حيتان السياسة في لبنان ولا هو ممن اشتهروا بالفساد او هو بعيد عن هموم الناس واهتماماتهم. واذا كان العجز عن الانجاز يستدعي الاستقالة، فان الحكومة بكل مكوناتها والمجلس النيابي بكل نوابه، يفترض أن يستقيلوا. فهل هكذا تحل الامور؟ هل هذه هي الفوضى المنشودة؟ لأية أهداف وأسباب؟».

السياسي الذي بدأ يشكك في ان «هناك من يستغل هؤلاء الشباب لاهداف غير متبلورة وواضحة بعد»، لا يوفر بعض وسائل الإعلام من اتهاماته المبطنة. يقول: «كم بلغ عدد الداخلين الى الوزارة وكم كان عدد المعتصمين خارجها؟ لولا البث المباشر لكانت حُلّت المسألة اسرع بكثير مما استغرقته». متسائلا: «لماذا هذه التغطية المبالغ فيها والمباشرة؟ ولماذا اصرار بعض المحطات على الترويج أن هذا الحراك سيغيّر وجه لبنان؟». يلتقي كلام السياسي مع نائب في «تيار المستقبل» يعتبر أن «فتح محطات التلفزيون هواءها للبث المباشر، لم يستطع أن يزخّم مزيدا من المتظاهرين». برأيه أن «الناس تملك حسا عفويا بما هو صائب وما هو مبالغ فيه. فاذا كان مقبولا لا بل مستحبا رفع الصوت والاعتراض على واقِعٍ حياتِيٍّ مُزْرٍ ومعيبٍ في مجالات كثيرة، الا انه لا شيء يبرر احتلال وزارة البيئة والتهجم على الوزير». وبعد مطالعة دفاعية عن الوزير المشنوق يقول النائب إن «استقالته لا ترتبط به فقط، بل هي يمكن ان تهدد البناء الحكومي ككل. وهذا خط احمر بالنسبة الينا وبالنسبة لكل غيور على مصلحة البلد».

تتوحد تقريبا ملاحظات نائب «المستقبل» مع نائب في «التيار الوطني الحر» الذي بدوره يتحفظ على «تشتت مطالب المتظاهرين وغموضها والالتباسات التي ترافقها. ففي المطالب الاجتماعية والحياتية كنا نحن أمامهم. في مواضيع الفساد كذلك. في وجوب انهاء حال التسيّب والفوضى. لكن أن تنحرف هذه المطالب وان يكون الحراك بابا للدخول في الفوضى وانهيار ما تبقى من الدولة، فهذا لا يدعو الى الاطمئنان. وان ابشع الثورات هي التي انتهى ثوارها الى نسخة اكثر سلبية ممن ثاروا عليهم».

«في الاجواء ما لا يطمئن». هكذا يلخص مسؤول كتائبي تطور الحراك بالامس. برأيه أن «ثمة شيئا يحضّر في البلد وللبلد. كنا نتوقع أن يكون الممر الالزامي لانتخاب رئيس للجمهورية قاسيا وصعبا وحارا. لكن هذا السيناريو لم يكن متوقعا. هو سيناريو شبيه ببدايات الربيع العربي الذي عوض عن أن يزهر حرية وانفتاحاً واتفاقاً على سبل بناء الدول، انتهى الى تشكيل عصابات اجرامية ومتطرفة اشد سوءا من الانظمة الديكتاتورية».