IMLebanon

عندما فوّض رفيق الحريري أمنه لـ«حزب الله»!

حوار عين التينة يخرج من المحكمة.. «بريئاً»

عندما فوّض رفيق الحريري أمنه لـ«حزب الله»!

إذا كان البعض قد توقّع أن تحسم شهادة الرئيس فؤاد السنيورة أمام المحكمة الدولية الكثير من النقاط الملتبسة المتعلقة بحقبة الرئيس رفيق الحريري وصولاً الى جريمة الاغتيال، فإن ما حصل هو أن هذه الشهادة فتحت الباب على مزيد من السجالات والاجتهادات في الداخل اللبناني.

وبمعزل عن مكامن الصواب والخطأ في أقوال السنيورة، فإن هناك من اهتمّ حصراً بقياس مدى تأثيرها على الحوار، الطريّ العود، بين «حزب الله» و «تيار المستقبل»، خشية أن تؤدي رياح المحكمة الى تصدّعه.

وفي انتظار تبيان موقف «حزب الله»، يعتبر قيادي بارز في «8 آذار» أن ما يحصل في لاهاي تحوّل من محاكمة مفترَضة لقتلة الرئيس الحريري الى محاكمة للحريري نفسه، على أيدي المقربين منه الذين قدموه بطريقة لا تتناسب مع الصورة التي تليق به، مشيراً إلى أن ما يجري في المحكمة أقرب ما يكون الى «اغتيال معنوي» له.

ويلفت القيادي الانتباه إلى أن قول السنيورة بأن الحريري أبلغه بأن «حزب الله» خطط أكثر من مرة لاغتياله إنما يتنافى مع سلوك الحريري نفسه في المرحلة التي تلت الكلام المنسوب اليه.

ويتساءل القيادي: «كيف يكون الحريري مقتنعاً بأن الحزب بصدد اغتياله، ثم يسلم نفسه وأمنه لاحقاً للحزب، عندما كان يزور السيد حسن نصرالله في الضاحية الجنوبية؟».

ويؤكد القيادي أن زيارات الحريري المتعدّدة لنصرالله «كانت تتم وفق إجراءات دقيقة يتولاها جهاز أمن الحزب الذي كان يشرف على كل التفاصيل الأمنية واللوجستية المتعلقة بوصول الحريري إلى مكان اللقاء ثم مغادرته له»، لافتاً الانتباه إلى أن الرئيس الشهيد كان يتفهّم هذه التدابير انطلاقاً من إدراكه لخصوصية وضع نصرالله.

ويشدّد القيادي على أنه ليس طبيعياً ولا منطقياً أن يكون الحريري مصدّقاً بأن «حزب الله» يريد اغتياله، ثم يقدّم له طوعاً كل الخدمات التي تسهل ذلك، من خلال كشف أمنه الشخصي وتنسيق انتقاله إلى الضاحية مع الجهاز المختص في الحزب.

ويرى القيادي نفسه أن محاولة بعض الشهود رسم البيئة السياسية للاغتيال بشكل يدين سوريا والحزب، «لا تنطوي على أية قيمة عملية، لأنها لا تحمل في طياتها أي دليل يمكن أن يُعتَدّ به، بل هي مجرد مقاربة سياسية، ليست قابلة للتسييل على المستوى القضائي».

ويعتبر القيادي البارز في «8 آذار» أن شهادة السنيورة أمام المحكمة الدولية تُحرج بالدرجة الأولى فريق «المستقبل» الذي يخوض الحوار مع «حزب الله»، إذ كيف يجوز لهذا الفريق أن يستمرّ بمحاورة وفد الحزب، إذا كان على قناعة بجدية الكلام الوارد في الشهادة حول اكتشاف محاولات متكررة لاغتيال الحريري؟

ويلفت القيادي الانتباه إلى أن مجرد انعقاد الجلسة المقبلة من الحوار في عين التينة «سيكون بمثابة رد على السنيورة، ومن أهل بيته أولاً، لأنه سيعطي إشارة واضحة الى ان ما يدور في المحكمة شيء، وما يدور في عين التينة شيء آخر».

ويُعرب القيادي عن اعتقاده بأن الحوار بين الحزب و«المستقبل» لن يتأثر بشظايا شهادة السنيورة، ملاحظاً أن هناك قراراً على أعلى المستويات لدى الرئيس سعد الحريري والرئيس نبيه بري والسيد نصرالله بمواصلة الحوار، باعتباره خياراً استراتيجياً، لا يملك أحد أن يعطله حتى إشعار آخر.

ويؤكد القيادي أن مواقف السنيورة، قبل شهادته وخلالها امام المحكمة الدولية، هي «حالة موضعية»، محدودة التأثير، معتبراً أن الدافع الاساسي خلفها يكمن في شعور السنيورة بأن موقعه يضعف في ظل الحوار وما يمكن أن يترتب عليه من نتائج، بينما العكس هو الصحيح بالنسبة الى الرئيس سعد الحريري الذي يدرك جيداً بأن أي تفاهم محتمَل مع الحزب يعزز موقعه، وربما يقوده الى رئاسة الحكومة مجدداً.

ويشدّد القيادي على أن الكلام المرتفع السقف في لاهاي ليس قابلاً للصرف في الداخل اللبناني، مشيراً الى ان مناخات جلسات الحوار بين وفدي «حزب الله» و «المستقبل» مغايرة كلياً عن تلك التي سادت المحكمة.

ويكشف القيادي أن الخطاب المستخدم من قبل أعضاء وفد «المستقبل» خلال اللقاءات الحوارية «هو خطاب ينطوي على قدر كبير من الرصانة والجدية، برغم الخلافات في وجهات النظر»، مبدياً اعتقاده بأنه يوجد على الأقل تمايز بين بعض صقور «المستقبل» كالرئيس السنيورة والوزير أشرف ريفي، والفريق المحاور الذي يضم نادر الحريري ونهاد المشنوق وسمير الجسر.

ويختم القيادي نفسه بالقول إن تطورات اليمن أبرزت المواقف المتباينة لكل من «حزب الله» و «المستقبل»، ولكنها لن ترتد سلباً على الحوار الذي يريد الطرفان عزله عن التطورات الإقليمية من زاوية تأكيد حرصهما المشترك على استقرار البلد.