IMLebanon

عندما «تقضم» إيران و«حزب الله»… المدن السورية

لم يعد توسّع «حزب الله» الديموغرافي يقتصر على مناطق وبلدات لبنانية كان قد أخضع على مرّ السنوات جزءاً من أراضيها لصالح «دويلته«، على غرار ما حصل في الضاحية الجنوبية التي تمددت مساحتها على حساب عدد من المناطق المجاورة لها بفعل الضغط السكاني، حتى وصلت إلى حدود بلدتي الحدث والشويفات وإلى اطراف سن الفيل، آخذة في طريقها مناطق الرمل العالي وطريق المطار وصولا الى مشارف الطريق الجديدة في الطيونة.

«حزب الله» في سوريا، عنوان لم يعد يقتصر فقط على التواجد العسكري للحزب في العديد من المناطق السورية وتحديدا تلك المحاذية للمناطق الخاضعة لوصايته في البقاع الشمالي، وبسط سيطرته على طول الحدود الممتدة على خط مدينة القصير السورية في ريف حمص مرورا بجوسية وصولاً إلى القلمون والزبداني في ريف دمشق، وهو ما يثُير قلق أهالي هذه المدن التي نزح عنها أهلها بفعل إحتلال الحزب لها وتهجيرهم إمّا بإتجاه العاصمة دمشق وإما بإتجاه لبنان، خشية أن تُصبح أملاكهم وأرزاقهم غنائم بيد عناصر «حزب الله» وهو ما بدأ يحدث فعلاً في الفترة الأخيرة.

في الزبداني يلجأ «حزب الله» وجيش النظام السوري إلى الأسلوب نفسه الذي جرى إتباعه في مدينة القصير حيث يقومان بإعتماد مخطط عنوانه سياسة الأرض المحروقة بهدف تدمير المدينة وتسويتها بالأرض منعاً لعودة أهلها في وقت لاحق، وهذا ما يظهر بشكل كبير من خلال الدمار الهائل الذي لحق بها وبإحراق أراضيها الزراعية، ما يؤكد كلام بعض المحللين الإستراتيجيين من لبنانيين وغيرهم، عن أنه كان بمقدور الحزب والنظام دخول المدينة قبل هذه الفترة، لكن يبدو أن مخطط التهجير المدروس وجعل البلدة محافظة تابعة لقرى الحزب، كان معداً له مسبقا وهو ما ينسحب أيضاً على بلدة الطفيل التي شق عناصر الحزب طريقا فرعيا للوصول اليها.

بدوره يُسهّل النظام السوري لـ»حزب الله» بسط سيطرته على مساحات واسعة من المناطق المحاذية للبقاع الشمالي بحجة حماية خاصرة النظام في العاصمة دمشق من أي تسلل للجماعات المسلحة من لبنان، وهو ما يُعد تفويضاً ليتصرف الحزب على هواه داخل هذه المناطق وبالتالي إخضاعها لنفوذه وجعلها مستقراً لعناصره ونقاط تجمع متقدمة لهم، على غرار منطقة السيدة زينب في دمشق التي تحوّلت أيضاً الى نقطة تجارية هامة يستثمر فيها رجال أعمال إيرانيون ولبنانيون ينتمون إلى الحزب، بحسب ما يُخبر عائدون من زيارة العتبات المقدسة، من دون إسقاط مدينة القصير من المُخطّط نفسه والتي تحوّلت بدورها إلى ريف يقصده عائلات عناصر من «حزب الله» بعد احتلالهم منازل وشققاً فخمة تحت انظار جيش النظام الذي فرغت المدينة من معظم وحداته العسكرية.

في خطابه الأخير أكد رئيس النظام السوري بشّار الأسد هواجس أبناء هذه المدن السورية من مُخطّط تهجيرهم عندما قال «سوريا ليست للذي يعيش فيها ولا للذي يحمل جواز سفرها، بل للذي يدافع عنها«، وهذا الكلام كان قد سبقه تأكيد من «حزب الله» بعدم السماح للنازحين السوريين من القصير وبعض قرى القلمون بالعودة إلى منازلهم قبل فترة وجيزة من الإنتخابات الرئاسية «الفولكلورية» ودعوة الأسد لهم الى العودة لكسب مزيد من شرعية الأصوات، وهو ما إنعكس بعدها توتراً في العلاقة بين الحليفين تُرجم بمنع وسائل إعلام الحزب من دخول القلمون وتصوير المعارك بعد نسبها «الإنتصارات» إلى عناصرها.

أصوات من داخل سوريا تؤكد أن حركة شراء عقارات وممتلكات في الداخل السوري تعود إلى زمن الأسد الأب، يومها كانت التسهيلات تُقدم لرجال أعمال إيرانيين داخل مدن مُحدّدة مثل حلب ودمشق لقاء مبالغ باهظة وبتسهيل من رجال كبار في الدولة، لكن اليوم أصبحت السفارة الإيرانية هي التي تتولى هذا الأمر من خلال تقديم عروض مغرية لأصحاب العقارات التي تقع ضمن مناطق يصعب على الأهالي العودة اليها لاحقا بعدما أصبحت تتبع ديموغرافياً لـ»حزب الله» ومن خلفه إيران التي تتغلغل في مفاصل الإقتصاد السوري.

خشية مُحامي الجيش السوري الحر أسامة أبو زيد في كلامه الأخير من قضم «حزب الله» لمدن سورية بحالها وجعلها مناطق عسكرية خاضعة لنفوذه، يُقابلها تأكيد من كوادر وعناصر الحزب بأنهم لم يُضحوا بهذا العدد من «الشهداء» لكي ينسحبوا اليوم أو غداً، خصوصاً وأن لهم عناصر مدفونة في أكثر من منطقة سورية أهمها داخل مقام السيدة زينب، بالإضافة إلى إستغلال رجال أعمال لبنانيين أراضي زراعية والتصرف بمحاصيلها بعلم وتنسيق مع «حزب الله» والنظام السوري.