Site icon IMLebanon

عندما يبشر المشنوق بان«الآتي اعظم»

ما يشغل بال اللبنانيين هو ان لا يبقى الامن ممسوكا والاستقرار قائماً بحده الادنى، اذ ان تجاربهم كانت مأساوية مع صراع المحاور الدولية والاقليمية وحروب الاخرين على ارضهم التي كانوا هم ادواتها ووقودها، بسبب ارتباطاتهم بهذا المحور وذاك، وهو ما نتج عنه سلسلة ازمات وصدامات عسكرية، كان اعنف واقسى ما حصل هي الحرب الاهلية التي دامت 15 عاما تداخلت فيها اسباب سياسية ودستورية ودعوات اصلاحية للنظام اللبناني مع الوجود الفلسطيني المسلح، واشتداد الحرب الباردة بين القطبين الدوليين اميركا والاتحاد السوفياتي، فخاض اللبنانيون حروب الاخرين بالوكالة.

ومع اشتداد صراع المحاور في المنطقة من اليمن الى العراق فسوريا وليبيا، ودخول دولي واقليمي على حروب هذه الدول، فإن لبنان بقي خارجها بقرار دولي وتأييد اقليمي، لتبقى ساحته بعيدة عن هذا الصراع، والحرائق المشتعلة في محيطه، وفق وصف مصادر وزارية التي ترى ان المظلة الدولية للحفاظ على الهدوء في لبنان مهمة، لكن المسؤولية تقع على عاتق اللبنانيين وقياداتهم الرسمية والسياسية والحزبية ان لا يتحولوا الى وقود لاشعال فتنة، ويهيئوا الارض لها، من خلال خطاباتهم التحريضية والمتشنجة، وهو للاسف ما يحصل من قبل جميع الاطراف الذين اذا لم يتعقّلوا فانهم ذاهبون بالبلد الى حرب مدمّرة، لا تحتاج الا لمن يموّلها ويسلّح القوى السياسية.

ولقد بلغ التوتر ذروته خلال الاسبوعين الاخيرين، والاخطر هو ما يصدر عن وزير الداخلية نهاد المشنوق من مواقف، حيث بشّر اللبنانيين بأن الآتي اعظم. وتحدث عن مشاركة جهة لبنانية بتخريب في بعض الدول العربية وتقوم بتدريب عناصر ومدها بالسلاح، وهو كلام يصدر عن وزير معني بالامن وله علاقات خارجية، وهو ما يؤشر فعليا الى ان الآتي اعظم على لبنان، وفق ما تؤكد المصادر التي توقفت عند ما نشر من معلومات تم تداولها في وسائل اعلام عن استخدام للشارع في الصراعات او اشعال جبهات حدودية مع سوريا، لا سيما في الشمال لجهة عكار، او تجنيد سوريين من النازحين في معارك داخلية، او تحريك مجموعات في المخيمات الفلسطينية.

هذه السيناريوهات وهناك اكثر منها، ما يقض مضاجع اللبنانيين الذين سبق لهم واكتووا بحرب اهلية مدمرة، وهم يعيشون منذ 11 عاما، في عدم استقرار سياسي، وتوترات امنية، وتراجع اقتصادي، وازمات معيشية واجتماعية وخدماتية، وحراك في الشارع، حيث احتمال الانفجار يتقدم على استمرار الانفراج وفق المصادر التي تنقل عن مراجع امنية قلقها من ان لا يبقى الامن ممسوكاً، اذا ما تصاعد الخلاف الداخلي على خلفية مواقف اطراف لبنانية، مما يجري في اليمن وسوريا والعراق والتباينات حولها والمشاركة فيها، اضافة الى دور «حزب الله» الخارجي الذي تتهمه دول خليجية بالتدخل في شؤونها، وانه اداة ايرانية للتمدد في العالم العربي، ويوافق اطراف لبنانيون على ذلك، والذي تصنفه دول بانه «ارهابي»، وهو ما قد يؤثر على علاقات اطراف لبنانية ببعضها، تسعى من خلال الحوار على الطاولة في مجلس النواب، او بشكل ثنائي بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» برعاية الرئىس نبيه بري، للتخفيف من الاحتقان الذي ارتفع منسوبه خلال الاشهر الاخيرة، وكاد ينفجر هذا الاسبوع، مع الاجراءات السعودية والدول الخليجية، وبات الوضع ينذر بمخاطر امنية، لولا تدخل الرئيس بري وبمساعدة النائب وليد جنبلاط، لابقاء الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله» الذي كاد ان ينفرط، لولا تدخل الرجلين، واقتصر اللقاء على مستشار الرئىس سعد الحريري نادر الحريري والمعاون السياسي لـ«حزب الله» حسين خليل وحضور الوزير علي حسن خليل، واصدار بيان مقتضب دون تحديد موعد لحوار جديد، وقد تكون جلسته الاخيرة، وهو ما رفع القلق عند رئىس مجلس النواب الذي، ومنذ عشر سنوات، يقود الحوار الداخلي، لمنع الانفجار الذي سيكون مدمراً، وله طابع مذهبي سني ـ شيعي، وتداعيات خطرة.

انه زمن صعب، ويقلق اللبنانيين، تقول المصادر، الذين باتوا في وضع مصيري، اذ لا يحتاج عود الكبريت الا لمن «يقدحه»، ليشتعل الحريق الذي ستتسبب به قيادات تدور في محاور خارجية وتلعب لعبة صراعاتها.