IMLebanon

عندما «يكسرها» فرنجية مع عون

«هكذا يستقبل سليمان فرنجية زواره بضحكته وتواضعه على باب منزله… هذه قيمته وقيمة بيته… اما حديثو النعمة فأسلوبهم على قدر قيمتهم» هذا الكلام هو قليل مما يكتب هذه الايام على صفحات التواصل الاجتماعي ولكنه لا يمكن ان يكون عابر اً عندما يصدر عن احد القياديين في تيار المردة وعندما يأتي تعقيباً على كلام لمسؤولين عونيين لا ينفكون يتحدثون عن «غدر» حليفهم والتفافه على الرابية بدون مواربة فالامور خرجت عن السيطرة ليأتي كلام فرنجية في اطلالته الاخيرة والتي بدل «ان يكحلها عماها» او بدل ان يصلح الجرة فانه كسرها مع الجنرال. واذا كان المرديون بعد اطلالة فرنجية لم تعد لديهم مشكلة بالتعبير عن مواقفهم ومشاعرهم بعد الكبت الذي مارسوه والتعميم الذي صدر من بنشعي في اعقاب اللقاء الباريسي بعد تجاوز الخطوط الحمراء وسقف التحالف المرسوم مع الرابية فان بعد حديث فرنجية الذي اعلن فيه استمراره في الترشح وقام بالهجوم السياسي على الرابية ولكن من الموقع الدفاعي، فان الخطوط الحمراء سقطت بالكامل وصارت المعركة السياسية للوصول الى قصر بعبدا امراً واقعاً وحقيقياً ولا مواربة فيه بحسب مصادر مسيحية، بانتظار الاحداث والمتغيرات وموقف الحليف الكبير الاكثر احراجاً في الرابية فاذا كان قلب حزب الله مع فرنجية فان عقله مع الجنرال وهو الذي ابلغ فرنجية صراحة استحالة تخليه عن عون إلا اذا قرر ميشال عون نفسه التراجع عن الرئاسة وتسليمها الى غيره.

الواضح ايضاً ان الاستقبال «الناشف» او «غير اللائق» بزعيم المردة بعد عودته من باريس في دارة عون فعل فعله في النفوس كما تقول اوساط قريبة من المردة اضافة الى عدم تفهم الرابية لظروف لقاء باريس التي تلقى فيها فرنجية مفاجأة ترشيحه، عدا ذلك فان التساؤلات التي تطرح في كل الاوساط فحواها لماذا يحق للرابية ما لا يحق لغيرها، وهل فاتح عون فرنجية عندما قرر السير والانفتاح على الحريري او عندما قطع قالب الحلوى في بيت الوسط؟ الواضح ايضاً ان ذلك اللقاء في باريس ومن بعده في الرابية لم يكن السبب الحقيقي والوحيد الذي اسقط كل اوراق التين عن العلاقة التي لم تعد تشبه نفسها بين الرابية وبنشعي، ليأتي حديث فرنجية ويصب الزيت على نار العلاقة. في العلن يبدو الفتور محصوراً في الملف الرئاسي لكن العودة الى الماضي تظهر عدم التلاقي في محطات كثيرة، فالعلاقة بدأت تتدحرج بعدما كانت ميتة وقوية عام 2006 ليمتنع فرنجية عن حضور اجتماعات التكتل، ليتصادم الفريقان في انتخابات 2009 على اثر ترشيح فايز كرم في زغرتا، ووضع فيتوات على دخول التيار الى زغرتا مقابل «فيتوات» على المردة في جبل لبنان وافتتاح مراكز لها في اقضية جبل لبنان المسيحية، ليأتي التمديد للمجلس النيابي ولقائد الجيش.

واذا كان الشعور العام لدى الرابية بأن من كان يصنفها بمنزلة «الاب الروحي» قام بالانقلاب عليها وباستغلال دعم الحريري لمعركة الرئاسة واخراج عون من الحلبة الرئاسية وعلى حد تعبير احد العونيين على «الفايسبوك» بان «من اعارنا مظلته طوال عام ونصف وعندما امطرت استرجعها» في دلالة على انسحاب فرنجية وتغليب مصلحته الرئاسية، فان لدى المردة عتباً على الحليف الذي اساء فهم ظروف ترئيس فرنجية وطرح الحريري وبان فرنجية ليس في صدد التنافس الشخصي مع عون ولا يبحث عن دور ليختلف معه، لكنه يطرح نفسه كمرشح بديل بعدما ضاقت  فرص الاستحقاق وطال امد  الفراغ.

وقد حكي الكثير عن خروج سليمان فرنجية عن الاجماع المسيحي وقيل ونسج عن موقف زعيم المردة انه قرر ان يفتح خطاً رئاسياً على حسابه وان يتمايز عن حلفائه طالما ان الاختلاف في التكتيك السياسي مع الرابية واقع منذ فترة وان رئيس الاصلاح والتغيير لا يقيم في التقييم المردي حساباً لبنشعي في العديد من المحطات ولا يستشيرها ويقف على خاطرها منذ فترة في قضايا اساسية وجوهرية فيما تقدم المردة وقدمت الكثير مما في رصيدها لحساب الجنرال في استحقاقات كثيرة. وما قيل  ويقال ايضاً ان فرنجية  قام بالالتفاف على الجنرال ولم ينسق لقاء باريس معه.

وبغض النظر عن كل ما يقال فان حديث فرنجية الاخير كما تقول المصادر المسيحية والذي انتظره كثيرون لتبيان مسار العلاقة والطريق التي سيسلكها الموضوع الرئاسي حمل عدة عناوين ابرزها تمسك فرنجية بترشيح نفسه وتقديمه ترشيحه علناً والهجوم على الرابية من موقع الدفاع عن النفس، اضافة الى تمسكه بثوابته وعلاقته بالقيادة السورية والمقاومة. ولكن السؤال الاساسي : ما هو مصير العلاقة ومستقبلها بين بنشعي والرابية وماذا عن دور حزب الله؟ تجيب الاوساط بأن مصير ومستقبل العلاقة رهن بانجلاء الصورة الرئاسية والاتصالات بين الطرفين ودور حزب الله وما اذا كان احد الطرفين في الرابية او بنشعي سيقدم على الانسحاب لمصلحة الآخر، وما اذا كان عون يمكن ان يقدم على التنازل لفرنجية طالما ان حظوظه الرئاسية بمستوى الصفر، لكن المؤكد كما تقول المصادر ان الاختلاف والتباين اليوم بين الرابية وبنشعي هما الاقوى بين الحليفين لان عون يعتبر معركة الرئاسة معركة حياة او موت ويرفض اقصاءه عن الحلبة السياسية والاذعان لما يريده تيار المستقبل، في حين يرى فرنجية انه مرشح من 8 آذار ويحق له في الترشح لانعدام حظوظ عون، وفي كلتا الحالتين فان الامور يمكن ان تدور مجدداً رأساً على عقب فالثوابت الاساسية بين الرابية وبنشعي باقية على حالها، وتجمع الحليفين اكثر مما تفرقهما وهي ثوابت حماية المسيحيين في لبنان والمشرق وخيار المقاومة والعلاقة مع سوريا والرؤية الاصلاحية للدولة بمعزل عن القراءة الرئاسية، لكن المؤكد اليوم ان المبادرة او التسوية الرئاسية  تعثرت وفقدت الكثير من زخمها لاخطاء في التوقيت واخراج العملية الرئاسية.