IMLebanon

عندما يخشى المسيحيون انكسار «الرقم واحد»

لا يفترض بكل من رصد الخط البياني لأداء الجنرال ميشال عون خلال الأشهر الأخيرة، وشهد على انكساره على يدّ خصومه مجتمعين، بالتكافل والتضامن مع حلفاء حلفائه، أن «يضحك في عبّه». الأكيد أنّ بعضهم فعلها. ولكن المسألة مختلفة بالنسبة للقوى المسيحية الأخرى، التي لا بدّ لها أن تراجع هذه الحسبة أكثر من مرة.

فالهدف الذي سجل في المرمى البرتقالي، بعدما عجز زعيم أكبر تكتل مسيحي عن تحقيق أجندته للوقوف بوجه «تسونامي» التمديد، ليس مؤشر قوة او مصدراً للطمأنينة لهذه المجموعات سواء كانت حليفة أو خصما، والتي لا يزعجها للوهلة الأولى مشهد هزيمة ميشال عون.

أكثر من ذلك، يتردد أنّ فريقاً مسيحياً تنبّه الى هذه المسألة، وسرى في أوساطه كلام كبير من نوع: إذا كان ميشال عون، الرقم الأول والأقوى عند المسيحيين، دُفع الى الهزيمة بتخطيط واضح يراد منه إضعاف الرجل وليس فقط اسقاط مطالبه، فماذا سيكون مصير الباقين إذا ما قرروا التصدي لهذه الطبقة السياسية؟

فعلاً هناك من يخشى على ذاته من السيناريو الذي تعرض له ميشال عون، بأن يتكتّل الجميع ضده، وتكثر السكاكين من حوله. طبعاً، لم تجد مسرحية التمديد بطلاً يتبنى اخراجها او حتى كتابة قصتها. ثمة تقاذف للمسؤوليات وللنهاية التراجيدية التي أصابتها.

«تيار المستقبل» يغسل يديه من دمائها. ويردد بعض شخصياته أنّهم تقدموا بأكثر من اقتراح اخراجي لتجنب التصادم مع ميشال عون. منها على سبيل المثال ترقية عدد من الضباط بينهم شامل روكز الى رتبة لواء، تبقيهم في السلك العسكري، لكن الرئيس نبيه بري رفضه. ومنها أيضاً قانون رفع سنّ التقاعد الذي حمله اللواء عباس ابراهيم الى القوى السياسية لجس نبضها منه، لكن رئيس المجلس لم يعط بدوره جواباً رسمياً، كما أنّ وزيريّ «تكتل التغيير والاصلاح» رفضا التوقيع على مرسوم فتح الدورة الاستثنائية، كبادرة حسن نية وكمعبر الزامي لفتح أبواب المجلس، بحجة أنّ التمديد صار واقعاً ولا داعي للالتفاف عليه.

هم يسألون: لماذا يصرّ الجنرال على تحميل الفريق الأزرق تبعات هذه المسألة كما لو أنه هو وحده من صفق للتمديد؟

هكذا، لم يُترك للجنرال ميشال عون الكثير من الخيارات بعدما بلغ حائطاً مسدوداً، بكل ما للكلمة من معنى. لا بل هو حشر في الزاوية، وسحبت من يديه كل المخارج التي تحول دون لجوئه الى عصا التصعيد.

قد تكون من المرات النادرة التي لا يحبّذ فيها الرجل سلوك درب «الهدّ والقدّ»، وكان يفضّل لو أن منطق التفاهمات هو الذي غلب على الكباش السياسي. لكن رياح أغلبية القوى لم تُجارِ سفن القبطان «البرتقالي»، فقرر رفع صوته، بعدما فرض التمديديون رأيهم عليه.

بدا رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» وكأنه يواجه الطبقة السياسية بأكملها، باستثناء «حزب الله» الذي لم يتخلَّ عنه يوماً. أما البقية فقد تجاوزت كل خلافاتها وتبايناتها لتتفق على هدف واحد: كسر ميشال عون.

هكذا، سيضطر الى اعلان «حالة تمرد» تحت القانون. سيحرد على كل المؤسسات العاملة، أي الحكومة، ومجلس النواب المعطل أصلاً. ولن يوفّر الشارع من منظومة حراكه الاعتراضي.

ولهذا مثلاً، توجه بكلامه يوم السبت الى المحازبين في «التيار» من باب التحذير أكثر من شدّ العصب او الاستقطاب، وكأنه يخشى من تراخٍ في صفوف مناصريه المنهمكين في انتخاباتهم الداخلية وقد لا تتطابق حساباتهم مع حساباته.

هو يعرف جيداً حدود هذا الاعتراض وسقفه، ولهذا قد يكون بمثابة فشة خلق أو تنفيسة لا أكثر، بمعنى أنه يصعب على أي من نوابه التأكيد ما إذا كان هذا التحرك هو ضمن كرة ثلج يراد تكبيرها لتكبير حجر الأزمة. بنظر بعضهم هي ردة فعل لا بدّ لها أن تحصل، من دون أن يعني ذلك أنها ستعتمد النمط التدرّجي التصعيدي للوصول الى ما هو أبعد من تسجيل التحفظّ على قرار صار مفعولاً…