IMLebanon

عندما يواجه سيف الإعلام الافتراضي مقصلة المحكمة

«خطة» للمعارضة العونية تستعيد مرحلة التأسيس

عندما يواجه سيف الإعلام الافتراضي مقصلة المحكمة

لم يُخفِ غبار الصراع على التعيينات، الذي نفخ ليصبح «صراعاً» لتثبيت الحقوق الميثاقية للمسيحيين، الأزمة الداخلية المستمرة في «التيار الوطني الحر». مواقع التواصل الاجتماعي تثبت أن القضية الأساس لا تزال… «التيار» نفسه. فقد «تواطأت» هذه المواقع مع المعارضين العونيين في تحويل الأزمة إلى قضية «رأي عام»، لتصير على كل جدار وتغريدة، وفق نظرة المعارضة، وهو ما ساعدها على رفع وتيرة ضغطها.

ويعتبر أحد المعارضين أنّه مع كل صدور مذكرة «جلب» من جانب المحكمة الحزبية، كان عشرات «الاستشهاديين» يتحضرون للوقوف على الجبهات الأمامية وتلقيم أسلحة «الستاتوس» برشقات جديدة.

وكان أكثر الأسماء التي حمل استدعاؤها ضجة، هو ميشال حداد (من مؤسسي «التيار الوطني الحر») وذلك على خلفية دردشة على «الواتساب»! إضافة الى قرارات فصل الناشطين فارس فلفلي وادكار عيسى وطوني نهرا. كما أصدر المجلس التحكيمي قراراً يقضي بتعليق عضوية الناشطين إيلي معربس وألان أيوب (ستة أشهر) وايفون صعيبي (أربعة أشهر) وباميلا الحاج (شهران).

على الضفة الأخرى، يرى أحد المدافعين عن القيادة أنّ ثمة حالات اعتراض يتمّ تضخيمها، ولكن بالمطلق، فإنّ هذا التفلت في التعبير في مواقع التواصل الاجتماعي ليس سليماً. ولذا تحاول القيادة ضبط هذا النقاش وان كان مستحيلاً في الفضاء الافتراضي، لكنه مسعى ضروري لمحاصرة السجال السلبي لأنه لا يوصل الا الى السلبية.

ويكرر آخر أنّ للمحكمة الحزبية استقلاليتها وآليات عملها، ولا يحق للقيادة أن تتدخل أو أن تسأل عن مجرى التحقيقات حتى لو تأخرت في الظهور، مشيراً الى أنّ تفاوت القرارات الصادرة عن المجلس التحكيمي بين الفصل وتجميد العضوية، دليل ساطع على عدالة هذه الهيئة.

بالنسبة الى المعارضين، فإنّ «الأحكام العرفية» الصادرة عن المحكمة تؤدي خدمة مجانية ينتظرونها كل أسبوع، «لتزيد نقمة القواعد البرتقالية على القيادة»، خصوصاً أنّ نعيم عون وزياد عبس وانطوان نصر الله قطعوا الطريق على الامتثال أمام الهيئة القضائية بعد اعتكافهم عن هذه الخطوة في بداية مسيرة «الاضطهاد» الحزبي، كما يقولون.

وبالتالي، فقد أثبتت «قافلة المفصولين» وفق مقاربة المعارضين، أنّ «التيار» خزان «انتحاريين» مستعدين لتقديم بطاقتهم البرتقالية على مذبح المعارضة ايماناً بأفكارهم الثورية ومبادئهم السيادية. أما قرارات المحكمة الحزبية فليست سوى الزيت الذي يُصبّ على نار حماسة هؤلاء.

ولكن بالنسبة الى المدافعين عن أداء القيادة، فإنّ المسألة أبعد من السجال حول المحكمة واجراءاتها، لتطال أصل الأزمة: من يحكم حزب «التيار الوطني الحر»؟

يقول أحدهم إنّ تعدد مراكز القوى في الحزب (أو القيادة الجماعية)، كما كان يطمح بعض المعارضين، سيؤدي مع الوقت الى مزيد من الفوضى والصراعات الدائمة التي لا تنتهي عادة الا بالتشققات. غير أنّ وجود ادارة واحدة هو مصدر طمأنينة أكثر، لا سيما أنّ النظام يضمن محاسبة هذه الإدارة إن في المجلس الوطني أو حتى في الانتخابات الداخلية، بدليل أنّ المعارضة خاضت أكثر من استحقاق داخلي وسجّلت حضورها وعجزت القيادة عن إبعادها.

هذا الأمر يعني، وفق هؤلاء، أنّ الأولوية هي للمحافظة على النظام القائم وصيانته من الرياح الداخلية، قبل السعي الى تغييره بعد استقرار الوضع، لأنّ «التيار» حزب ديناميكي قادر على تطوير ذاته وتطويع النظام لو أرادت الأغلبية ذلك.

وعلى هذا الأساس، يعتبر هؤلاء أنّ موجة التفلت عبر مواقع التواصل الاجتماعي دفعت الكثيرين الى فرملة انتقاداتهم العلنية، وفضّلوا تهدئة «اللعب»، حتى أنّ بعض المعارضين تحسسوا مخاطر هذا «السلاح التدميري» وأوعزوا بـ «ضبّه»، مؤكدين أنّ اجراءات القيادة تحتاج الى وقت كي تظهر مفاعيلها على سطح الماء. لكنها بلا شك ضرورية للانتظام تحت سقف القانون الداخلي.

وعلى الرغم من ذلك، تقدم المعارضة المؤشرات الكافية على أنها وضعت قطار تنظيم صفوفها على السكة. هذا لا يعني أنّ ساعة الصفر اقتربت لإعلان الانشقاق الجماعي أو لتأسيس تيار مواز لـ «التيار البرتقالي». ولكن لا شكّ أن مجهودها يوضع في الوقت الراهن على «خطة تأسيسية» شبيهة لتلك التي وضعت يوم قرر بعض الطلاب الجامعيين والشباب المتحمسين للجنرال ميشال عون كودرة حراكهم العفوي.

في تلك الأيام، كان الجنرال هو من يتولى تلقينهم «ألف باء» التنظيم: يكفي أن يكون لهم في كل قرية بيت يستقبلهم ويستمع لأفكارهم، كي تنتشر هذه المبادئ على طول الجغرافيا اللبنانية. اليوم يستعيد الشباب التجربة ذاتها، ويطرقون باب كل قرية.

والجديد أيضاً، هو أن الخلاف بين القيادة ومعارضيها لم يعد محصوراً بكيفية ادارة الحزب، بعدما انتقل الى المستوى السياسي (آخر فصوله الملاحظات على معركة التمديد لقائد الجيش)، ويفترض أن يظهر قريباً بشكل علني.

لا يكترث المتحسمون للقيادة لكل السيناريو التحريضي الذي تمارسه المعارضة، ويتعاملون مع الحزب على أنه في بداية مسيرة لن تتوقف أبداً وستؤدي الى مزيد من الانتشار والحضور. ويوم الاثنين المقبل سيكون جبران باسيل مع موعد تسليم 3000 بطاقة جديدة.. والحبل على الجرار.