حتى لا نظلم حكومة الرئيس تمام سلام، يجب الاعتراف بأن الازمات والمشكلات التي تواجهها، ليست كلها من صنع يديها، بل هي موروثة من الحكومات التي سبقت، والكل يعرف ان الحكومة السلامية اتت على قاعدة المصلحة الوطنية لمهمة محددة هي انتخاب رئيس جديد للجمهورية واجراء انتخابات نيابية اذا سمحت الظروف بذلك.
الخلافات السياسية، والاهداف الشخصية افشلت هذه المهمة الاساسية، وهذا التفشيل انتج فراغاً، والفراغ انتج فوضى وهذه الفوضى انتجت ازمات ومشكلات جديدة غير تلك الموروثة، فوقعت في العجز الذي يهدد استمرارها من جهة، ويحول من جهة ثانية بينها وبين ايجاد حلول للمشاكل الامنية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تهدّد بضرب النسيج الوطني للمكوّنات الشعبية اللبنانية، خصوصاً بعد استفحال النزوح الى لبنان من السوريين، والعراقيين، والفلسطينيين الموجودين في سوريا والعراق.
وبما ان الحكم استمرار، والمسؤولية لا تموت بذهاب حكومة ومجيء اخرى، كان يفترض بحكومة سلام، ان تتصدّى بجدّية وحزم وسرعة، لعدد من الازمات التي لا تقبل التأجيل ولا العمل على البارد، كمثل ازمة النفايات التي تحمّل اليوم الى الوزير محمد المشنوق وحيداً، بعدما تركتها الحكومات السابقة تتفاعل وتكبر، ولم يسمع الوزراء «اصحاب الفخامة» اصوات المواطنين وهي تهدد باقفال المطامر، وتركت مسألة المعالجة لوزير البيئة، بدلاً من ان يتحمّل مجلس الوزراء مجتمعاً مسؤولية ايجاد الحل لهذه النفايات التي تتحوّل الى ذهب عند البعض، خارج الحكومة وداخلها.
اما الازمة الثانية التي عصت على الحل، فهي الاجرام الذي ضعفت شوكته مدة قصيرة، ليعود بقوة ووقاحة وعربدة الى الشارع المسالم ليقتل ويخطف ويسرق ويروّع المواطنين، حتى في بيوتهم وهم يتابعون مطاردات الموت على شاشات التلفزة التي تتزاحم على نقل مشاهد القتل وانواعه، عند «داعش» والتنظيمات الاخرى، وعند مجرمين محميين «وفالتين» من دون سؤال او عقاب، وبعد الذي نشر على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي عن استسلام بعض القضاء امام سطوة المجرمين المحترفين المحميين، من اصحاب السجلات العدلية السوداء، لا بد من مناشدة اللواء اشرف ريفي وزير العدل في هذه الايام التي ينحر فيها العدل كل يوم، لتطهير الهيكل القضائي من الذين جعلوه، او حاولوا ان يجعلوه مغارة، ليبقى للشعب اللبناني في هذه الايام البائسة على الاقل، جيشهم وقواهم الامنية وقضاؤهم، ليبنى عليها في المستقبل، وبعد زوال الشدة، لبنان الجديد النظيف القوي الذي يحلم به المواطنون.
البيت «العائب» والمهدد بالسقوط، لا يصلح معه الترميم، بل الهدم واعادة البناء.
على الحكومة ان توقف عمليات الترقيع، واذا كان لا بد من الهدم، لانقاذ الدولة، لا بأس عندئذ من ان تهدم الحكومة نفسها.