لا يزال جبران باسيل «يتحفنا» يومياً بأفكاره العظيمة، فيطلع علينا بنظريات لا تركب على قوس قزح لشدّة ما يصح فيها القول: غرائب وعجائب!
آخر هذه الإبتكارات ما حفل به مؤتمره الصحافي الذي أراده حاشداً ليقدّم فيه الوزراء الاحد عشر (بمَن فيهم وزير «التكتل التشاوري») وما سبقه أو لحق به من تصريحات ومواقف تثبت أنّ الدنيا لم تعد تتّسع لجبران باسيل الذي أقل ما يطلب منه أن ينزل الى الارض، لأنّ أحداً لا يعرف كيف يبرم الدولاب وكيف تدور الدوائر (…) لذلك ليته يتواضع قليلاً ويعرف حقيقة حجمه بدلاً من سياسة الاستعداء والتهويل والاستفزاز التي ينتهجها.
أولاً- هل من المنطقي أن يطالب رئيس تكتل نيابي بأن يتمثل بثلاثة وزراء في لجنة صياغة البيان الوزاري؟ وهل من سابقة في هذا المجال؟ ألا يكفي وزير واحد لينقل موقف التكتل ويعمل بموجب تعليماته؟ فالمسألة ليست مسألة عدد على الاطلاق، إنما هي مسألة موقف وقرار، وهذا يتخذه وزير واحد بإسم مرجعيته.
ثانياً- وهل نسينا حكاية «المعايير» في تأليف الحكومة، وهذا ما تسبّب بتأخير التشكيل ثمانية أشهر ونيف ما تسبّب بخسائر وأضرار مادية ومعنوية، خصوصاً في القطاع الاقتصادي.
وفي هذه النقطة يحضرني، مرة ثانية، ما دار بين غبطة البطريرك الماروني والسفير المصري في لبنان، عندما سأل غبطته السفير: ما هو عدد الوزراء في الحكومة المصرية؟ فأجابه: 32 وزيراً، فأعرب البطريرك عن أسفه لهذه المقارنة الغريبة: مئة مليون مصري بعدد من الوزراء يوازي عدد الوزراء عندنا ونحن دون الخمسة ملايين نسمة!
ثالثاً- إلاّ أنّ بدعة البدع التي لم يسبق أحدٌ الوزير باسيل إليها هي الحصول على تواقيع وزراء تكتل «لبنان القوي» الذي يترأسه، على كتب استقالاتهم من الوزارة ووضعها بتصرّف التكتل ورئيس الجمهورية.
وهذه البدعة الهجينة أقل ما يُقال فيها إنها دليل على عدم الثقة بهؤلاء الوزراء: عدم الثقة بالسياسة وعدم الثقة بالأهلية والكفاءة، وتلك لا يمكن تفسيرها سوى بأنها إساءة للكرامات!
فهل البلد حقل تجارب؟ فإذا كانت الجهة أو الحزب أو الكتلة أو التكتل أو… غير واثق من كفاءة الشخص (أو الأشخاص) ومن ولائهم فهل يجوز تحويلهم الى أدوات في مختبر تجارب؟
إنّه أمر معيب بكل ما للكلمة من معنى.
لماذا هذه «الفوعة»؟ لماذا هذه الاندفاعة غير المبرّرة؟ هل ذلك في إطار السباق الرئاسي؟ أمدّ الله في عمر فخامة الرئيس ميشال عون الذي تبقى له أربع سنوات إلاّ ثلاثة أشهر قبل انتهاء العهد!.. فلماذا هذا الاستعجال من قبل جبران باسيل الذي رسب مرتين في الانتخابات النيابية والذي لولا فخامة الرئيس ميشال عون ما كان ليصل الى مجلس النواب وقبله الى مجلس الوزراء… وبالطبع الى هذا العدد من النواب الذين جاء معظمهم الى الندوة البرلمانية على اسم الرئيس عون وليس بفضل جبران.
وأخيراً وليس آخر، أما كلام باسيل عن التبرّعات لـ»التيار الوطني الحر» فهذه أيضاً تجيء إكراماً للرئيس عون وليس لجبران.