Site icon IMLebanon

عندما يكون فياض وطورسركيسيان «رسولي سلام»

هل فعلاً هي مجرد الصدفة او لقاء عابر على العشاء هي تلك التي جمعت بين النائب علي فياض ونائب القوات شانت جنجيان وحدها، وهل يمكن تصديق ان نائبين عضوين في تكتلين سياسيين متخاصمين كثيراً في السياسة تجرآ على اخذ المبادرة وحدهما  من دون التشاور مع رئاستيهما او مع مرجعيتهما في الضاحية ومعراب، وهل هو «الشوق» لميشال عون فقط هو الذي حمل النائب المستقبلي سيرج طورسركسيان الى دارة العماد عون في الرابية في لحظة «الانتظار الممل « التي تنتظرها الرابية لاي اشارة من المستقبل في الموضوع الرئاسي بعد مبادرة الامين العام لحزب الله لقبول الحريري في رئاسة الحكومة ضمن معادلة «رئيس في بعبدا وآخر في السراي».

من دون شك لا الصدفة وحدها ولا اللقاء العابر تجوز على الحدثين، فاللقاءان مهما كانت دوافعهما او شكلهما وفحوى النقاشات التي دارت لا يمكن ان يكونا بقرار شخصي او بدون علم المرجعيتين الحزبيتين لهما كما لا يجوز ان يعطيا وفق اوساط مطلعة ابعاداً خارج المألوف وفي غير السياق الصحيح، فما بين حزب الله ومعراب من خطوط تماس ومتاريس في السياسة وخلافات في وجهات النظر لا يمكن ان يسقطا بسهولة خصوصاً وان عملية هضم تفاهم معراب تم استيعابها من جانب حزب الله على انها ضرورة بين شخصيتين مسيحيتين متباعدتين ولها ايجابياتها في تهدئة الجو الداخلي وتحضير المناخ الرئاسي المناسب، في حين ان تيار المستقبل لا يزال مصراً على خياره باستبعاد ميشال عون ووضع «الفيتو» عليه وان رئيسه الذي يتجول في العواصم الاقليمية لا يزال يتريث في اتخاذ قرار العودة الى السراي ودعم معركة عون الرئاسية.

وعليه ترى الاوساط يفترض وضع الامور في نصابها الصحيح وعدم اعطاء تفسيرات غير منطقية لاي لقاء او زيارة ما لم يكن مبنياً على القراءة السياسية العميقة للاحداث في الداخل والخارج، فليس امراً عادياً ان يلتقي او يتقارب حزب الله ومعراب بعد الجفاء في السياسة وكل هذا التباين في وجهات النظر، فالطرفان ينتميان او هما رأس حربة في الصراع السياسي الدائر في الداخل بين منظومة 8 و14 آذار، وليس امراً محسوماً وعادياً ان يقول سعد الحريري «النعم» الكبرى لميشال عون ليصل الى قصر بعبدا ويعود الحريري المنهك شعبوياً ومالياً الى جنة السلطة.

لقاء حزب الله والقوات دونه موانع محلية واقليمية، تضيف الاوساط، فليس كافياً ان يحصل تفاهم معراب وان يسمي جعجع عون رئيساً ليصبح التقارب مع معراب مشروعاً حيوياً لحزب الله، فما بين الضاحية ومعراب خلافات في الاستراتيجية السياسية ووجهات النظر واكثر من ملف ساخن ومفتوح. واذا كان يمكن لرئيس حزب الكتائب ان يكون التقى الرئيس السابق للحزب القومي السوري سواء حصل ذلك او لم يحصل على اعتبار ان السياسة دولاب، وان ما حصل بين الحزبين طواه عامل الزمن وان رئيس حزب الكتائب له مبرراته المسيحية اليوم بعد تحالف الزعيمين القويين مسيحياً وبقائه خارج صورة هذا التفاهم، فان ما بين حزب الله ومعراب تبدو الصورة مغايرة ولا تشبه تلك الصورة، فالمؤكد ان لقاءات مماثلة يمكن ان تحصل في اي وقت، لكن المؤكد ايضاً وبحسب الاوساط ان احداً ليس في وارد الانتقال الى الضفة الاخرى او تقديم تنازلات، فسمير جعجع سواء اختلف مع المستقبل او ابتعد عنه الا انه «حجر» في زاوية فريق 14 آذار لا يمكن ازاحته والا يسقط هيكل هذا الفريق، وثمة خطوط حمراء ترسمها الضاحية في شأن من يقترب من خطها العربي والمقاومة.

وعليه فان اي لقاء او تقارب في الشكل لا يمكن توظيفه حالياً في الاطار السياسي وحزب الله يصر على موقفه والتمييز بين حلفائه وحلفاء حلفائه، فحزب الله ومعراب قد يكونان بحاجة الى التلاقي السياسي لكن الخلافات في السياسة والتناقضات في المسائل الاستراتيجية هما الطاغيان. تقول الاوساط، وزيارة النائب المستقبلي الى الرابية لا تختلف عن زيارات اي مسؤول او نائب في تياره سابقاً فوزير الداخلية كان من الزوار الدائمين للعماد عون فاذا به عندما «تدق ساعة المستقبل « ينقلب عليه باي وقت، فالمستقبل يمارس سياسة الانفتاح والهجوم في الوقت نفسه على الرابية، وثمة توزيع ادوار بات واضحاً بين قيادات المستقبل في هذا الشأن والخصوص.

يبقى ان كل خطوة سياسية بغض النظر عن ابعادها واهدافها يمكن ان تكون في اطار الخطوات الايجابية وربما في اطار المتغيرات والاحداث، فمن كان يتوقع ان تسوء العلاقة بهذا الشكل بين بنشعي والرابية على خلفية الملف الرئاسي، ومن كان يتوقع ان تتراجع علاقة المستقبل والقوات الى هذا الحد، ومن كان يصدق ان يصبح سمير جعجع من المطالبين بوصول عون الى بعبدا وان يخوض معركته الرئاسية.